والنهروان ، بل هم من الصحابة والتابعين الذين ورد فيهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الآثار الشريفة ، وأي فضل يشبه فضلهم ، وأي نبل يشبه نبلهم ، فقتلهم ، عليهالسلام بلا خلاف بين العقلاء في ذلك ، وكان قتله لهم شرفا عند الله تعالى وعند الصالحين ؛ لما فيه من الحديث عن خاتم المرسلين في علي عليهالسلام أنه بشّر بأنه يقتل الناكثين ، وهم : أهل الجمل ، والقاسطين وهم : أهل صفين ، والمارقين وهم : أهل النهروان ؛ كل هؤلاء يقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة ، ويجتنبون المحرمات ، ويقطعون آناء الليل وأطراف النهار عبادة.
وأما من أظهر البراءة منهم واعتقاد الإمامة بعد القدرة عليه ؛ فإن غلب في الظن أن إظهار ذلك تدينا وخوفا لله تعالى وطاعة قبل منه ، وخلي سبيله ؛ وإن غلب في الظن أنه منه تفاد من القتل والسبي ، لم يقبل منه ؛ لأن المعلوم وجوب قتله ، واستباحة ماله وآله ، ولا يجوز الخروج عن ذلك إلا بأمر شرعي ، وأقل ما نفذت به الأحكام الشرعية في الشرع الشريف ما يوجب غالب الظن ، فإذا غلب في ظن الإمام أو الوالي صدقه حمله على الصدق ، فإن لم يغلب في ظنه تصديقه لم يجز له أن يصدقه ؛ لأن تصديق من لا يغلب على الظن صدقه قبيح ، فكيف يكون القبيح واجبا ، ويجوز فعله فلا يكون لإظهار ما أظهر حكم ، وقد قال الله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) [المنافقون : ١] ، فكذبهم في أمر ظاهر حق وصدق ، لما كان باطنهم في ذلك خلاف ظاهرهم فكذلك الفرقة المطرفية ، الكافرة الشقية ، الضالة الغوية ، تظهر ـ وقد ظهر ذلك للمسلمين ـ إيمانا وتبطن كفرا ، وقد اتبعت في ذلك واحدة بأخرى ، وكررت النكث شفعا ووترا ، وذلك معلوم لمن عرف أحوالهم ، فكم بايعوا ، وكم نكثوا ، وكم أظهروا التوبة نفاقا ، ثم ارتدوا ظاهر الأجل بسبب ظهورهم ، ولقد نافقنا أهل (عوشة) من عشاش كفرهم يقال لها : (التو) ست عشر