سنة ، فلما ظهر شقيهم المسمى بالمشرقي تجمعوا.
وحكي عن بعضهم أنه قال : لما خرجوا من (عوشة) كفرهم ، عبد المطرفية لا علة من نفاق ، ولقد حكي من طرق شتى من كبارهم من النفاق ما لم يكن لنا في حساب ، وكنا نحملهم على الصلاح فبان فسادهم ، وظهر عنادهم مرارا كثيرة ؛ فما حملناهم على سلامة ، [إلا] (١) وتعقب ذلك نفاقهم ، فإلى الله المفزع منهم ، ومن أمثالهم ، وبه نرجوا تعجيل انتقامهم ، وقرب زوالهم ؛ فلقد ملئوا كثيرا من قلوب الأمة شقاقا ، وأشربوا أفئدتهم نفاقا ، فهم بهذه (٢) القصة شر البرية ؛ لأن الله تعالى يقول : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [النساء : ١٤٥] ، فلو لا قبح النفاق ما كان في مقابلته هذا العذاب الشديد ، ولما جعله الله تعالى صفة لازمة لأقبح الكافرين ، بقوله تعالى : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) [التوبة : ٧٧] ، فقد أظهر العباس رضي الله عنه للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على الحق ، وما أخرج إلا كرها ، فقال النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : «ظاهر أمرك كان علينا» (٣) ، ولم يقبل خلاف الأول عند القدرة ، ولما عفا عن أبي عزة (٤) ومنّ عليه ، وظفر به
__________________
(١) [إلا] زيادة من عندنا لاستقامة المعنى.
(٢) في (ب) : لهذه.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) هو عمرو بن عبد الله بن عثمان الجمحي ، شاعر جاهلي ، من أهل مكة ، أدرك الإسلام وأصر على الشرك يوم بدر فأتي به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا رسول الله ، لقد علمت ما لي من مال ، وإنني لذو حاجة وعيال فامنن عليّ ، ولك ألا أظاهر عليك أحدا. فامتن عليه ، فنظم قصيدة يمدحه بها ، منها البيت المشهور :
فإنك من حاربته لمحارب |
|
شقيّ ومن سالمته لسعيد |
ثم لما كان يوم أحد دعاه صفوان بن أمية ، سيد بني جمح للخروج ، فقال : إن محمدا قد منّ عليّ وعاهدته أن لا أعين عليه ، فلم يزل به يطمعه حتى خرج وسار في بني كنانة ، واشترك مع عمرو بن العاص (قبل إسلامه) في استنفار القبائل ، ونظم شعرا يحرض به على قتال المسلمين ، فلما كانت الوقعة أسره المسلمون ، وأتي به إلى رسول الله فكان ذلك الحديث.