لحم فإذا لا فضل ، ويلزم معه كون المقدور مع القادر تعالى فيما لم يزل ، وإن كان عينا غير محدث حصل مع الإله في الأزل ، قديما غير محدث ، وإن لم يكن محدثا فهو إما جسم أو جوهر أو عرض ؛ إذ هكذا كل محدث؟
الجواب : ينبغي أن [نتبين] (١) أولا معنى القديم ، ويدل على أن الباري قديم ، لنرتب عليه الكلام في الفضل بين القادر والمقدور ، فمعنى القديم هو الموجود الذي لا أول لوجوده ، ونحن نحتاج إلى بيان فصلين : أحدهما : أنه تعالى موجود. والثاني : أنه لا أول لوجوده.
فالذي يدل على أنه تعالى موجود أنه عالم قادر ، والعالم القادر لا يكون إلا موجودا ، ونحن نحتاج إلى بيان أصلين : أحدهما : أنه عالم قادر ، والثاني : أن العالم القادر لا بد من أن يكون موجودا.
فالذي يدل على أنه عالم قادر قد تقدم فلا وجه لإعادته ، والذي يدل على أن العالم القادر لا يكون إلا موجودا ، ما نعلمه من [كون] (٢) استحالة كون الواحد عالما قادرا لعدم العلم والقدرة مع وجود ذاته وحياته ، فبأن يكون عدم الذات مانعا من ذلك أولى وأحرى ، وقد ثبت كونه قادرا عالما فثبت أنه موجود ، ونحن نعلم التعلق المانع من الانفصال بين هذه الصفات أعني كونه عالما قادرا وكونه موجودا ، وأجلى الأمور ما عوّل العقلاء على وجوده من أنفسهم ، فثبت أنه موجود ؛ والذي يدل على أنه لا أول لوجوده أنه لو كان لوجوده أول لكان محدثا ، ولو كان محدثا لاحتاج إلى محدث ، والكلام في محدثه كالكلام فيه ، فإما أن يحتاج كل محدث إلى
__________________
(١) في (ب) : نبين.
(٢) زيادة في (أ).