بالإمساك ، وعدم القائل رجوع في ذلك إلى رأي من يرى أنها صفات للنفس ، وأن ما كان للنفس فهو دائم موجود بوجود من هو له صفة ، مع اعتقادهم رفع المجود عليه ، وعند سواهم من الصفات ما يقتضي تضايفا توجب الوجود ومعتلون عليهم بقولهم فعلى من كان منعما ، وكذلك من المخلوق المنعم عليه وهي صفة تقتضي ذاتين في الوجود أحدهما خالق رازق ، والآخر مخلوق مرزوق منعم عليه ، ووجوب دوام الصفة واستحقاقها للنفس ، وإبطال وجود المخلوق القائل يلزم أن يكون صدور الجود من الجواد إذا لم يصح مجود [عليه] (١) غنيا ، افتنا يرحمك الله بالأدلة القاطعة على تصحيح أحد هذين المذهبين لما بينهما بالإثبات
والنفي وهو أن أحدهما ينفي وجود المخلوق المرزوق فيما لم يزل ، والآخر يثبته مع إجماعهما على وجوب الصفة للذات ، وفي ذلك غموض مفرط وتشكيكات يتسلمها المقصر تخرجه إلى الإلحاد.
[الجواب] (٢) قد بيّنا كيفية وصفه سبحانه بهذه الصفة وأنها تفيد عند الإطلاق معنيين ، وبيّنا كيفية معنى الوصف على كل واحد من المعنيين ، وبيّنا أن وصفه بهما على المعنى الصحيح لا يتنافى عند أهل العلم ؛ لأنه إذا قيل : من رازق الأجناد؟ قيل : السلطان ، وإن لم يكن رازقا لهم في الحال ، فكذلك يوصف تعالى بأنه رازق ومنعم وإن لم يكن رازقا في الحال ومنعما عليه ، لكنه لما كان المعلوم من حاله أنه المتولي لذلك جاز وصفه بذلك بل وجب ؛ لأن إطلاق خلافه عليه يوهم الخطأ كما قدمنا.
وقوله : بأنها صفة من صفات الذات غير مسلم ، لأن المرجع بذلك إلى خلق
__________________
(١) سقط من (أ).
(٢) سقط من (أ).