تلحقهم سآمة ، ولا يرهقهم ملل ، وكيف ذلك وقد خصهم بكرامته.
ألا ترى أن كثيرا من الناس إذا تولى شيئا من أمر السلطان يجد حالا ومزية يستصغر عندها بذل ماله وروحه لما يجد من محبة الزلفة ولذة الكرامة ، فكيف بمن لا يشبه ملوكه البشر تعالى وتقدس عن ذلك علوا كبيرا.
وهذا التأويل مروي عن جماعة [من] (١) أئمة آل الرسول عليهمالسلام ويحملون قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [يونس : ٣] على أن المراد به استولى على الملك ، والاستواء بمعنى الاستيلاء كما قال البعيث (٢) شعرا :
قد استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
فالحمد للمهيمن الخلاق
يريد ببشر بشر بن مروان بن الحكم (٣) ، وبالاستواء الاستيلاء ، يريد استولى على العراق بغير طعن ولا ضرب ، ومن العلماء من ذهب إلى أن العرش والكرسي خلقان من خلق الله عظيمان ساميان على السماوات السبع محيطان بها وبالأرض ، وعمدتهم في ذلك ما روي عن الصادق الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «ما الكرسي في جنب العرش إلا كحلقة ملقاة في فلاة ، وما السماوات والأرض في جنب الكرسي إلا كالكرسي في جنب العرش» (٤) ويكون فائدة إفراده بذكر الاستيلاء عليه ، وإن
__________________
(١) سقط من (أ).
(٢) كذا في النسخ.
(٣) بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص القرشي ، المتوفى سنة ٧٥ ه ، عن نيف وأربعين سنة.
أمير ، ولي البصرة والكوفة لأخيه عبد الملك سنة ٧٤ ه ، وهو أول أمير مات بالبصرة.
انظر (معجم رجال الاعتبار وسلوة العارفين) ، ومنه (الأعلام) ٢ / ٥٥.
(٤) لم أجده بلفظه وأورده بلفظ : «ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» أورده بهذا اللفظ الذهبي في (العلو للعلي الغفار). قال السيد حسن بن علي السقاف : (موضوع) رواه البيهقي في (السنن) ٩ / ٤ ، وأبو نعيم في (الحلية) ١ / ١٦٨ ، وابن عدي في (الكامل في الضعفاء) ٧ / ٢٦٩٩ ، وابن حبان في صحيحه ٢ / ٧٧ ـ ٣٦١.