التأويل فنحن أولى به منهم لكوننا أهله ، فنحن نقول : ثواب الدنيا هو الذكر الجميل ، وثواب الآخرة هو المنازل في الجنة ، وذلك مستقيم ؛ لأن الثواب يقترن به التعظيم والإجلال وهو يجب من نابي الفعل ، وقد تأخرت الملاذ والمنافع إلى دار الآخرة عن دار التكليف ، فبقي الإجلال والتعظيم في هذه الدنيا ، والثواب المستحق هو ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة فيما بعد ، ولو لا عمى بصائر القوم بالخذلان لما جرءوا في هذا الميدان.
وأما احتجاجهم بقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر : ٦٥] ، فهو أبعد عن المراد ، وأنأى عن السداد.
والكلام في ذلك : إن الله تعالى قد علم أن نبيه لا يشرك ، وإنما جعل [ذلك] (١) تمثيلا بما المعلوم خلافه ليقول المسلمون : إذا كان نبيه وهو نبيه إذا أشرك حبط عمله فكيف بنا ولسنا مثله في حاله.
وأما ظاهر الآية فإن ذكر النبوة فيها أو الدلالة على أنها عمل ، لو لا أن الله تعالى وكل القوم إلى أنفسهم فتاهوا في الضلالة وخبطوا في الجهالة فنسأل الله التوفيق.
والنبوة هي الرسالة بحيث لا فرق بينهما كالجلوس والقعود ، لا نقول : هو نبي وليس برسول ، ولا رسول فليس بنبي ، وهي فعل المرسل لا إشكال في ذلك ، وكذلك الإمامة فعل الأمر بها لشخص من الأشخاص كما في علي عليهالسلام وولديه ، أو لمن وجدت فيه صفته كما في سائر الأئمة من أولادهما ، فتلك إمامة بالنص وهذه بالصفة كما يقول : من كانت صفته كذا وكذا فقد أمرهم بكذا وكذا ؛ لأن الله تعالى أمر بالجهاد ، وإقامة الحدود ، وإنفاذ الأحكام ، وتجييش
__________________
(١) سقط من (أ).