الجيوش ، وذلك لا يكون إلا برئيس ، فأعلم الله تعالى به مجملا ، فقال تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) [الرحمن : ٣٣] ، فهذا مجمل احتجنا فيه إلى البيان ، فقال تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [يونس: ٣٥] ، فوقع بعض بيان فأتى قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [النور : ٥٥] ، فجمع قوله تعالى : (آمَنُوا) جميع الاعتقادات ، وقوله : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) جميع الأعمال في الطاعات ، والله لا يخلف الميعاد ، فالخلافة لمن هذه حاله ، فإذا اجتمع العلم والسخاء والشجاعة والورع والزهد والقوة على تدبير الأمر وعند ذلك يحصل الفضل لا محالة تجب كلمتين من الآية (١).
قلنا : لأن الله تعالى أمر بمودتهم خصوصا وبمودة المؤمنين عموما ، وحض رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بالآيات المعلومة على اتباعه حضا شديدا ، فأفاد ذلك ثبوت الإمامة لهم دون غيرهم ؛ لأنه قد حصل فيهم [ما] (٢) لم يحصل في غيرهم ، فلو كان اتباعهم بالظن إلا أنه الأقوى لقوة أمارته لما جاز العدول إلى غيرهم فكيف وهو ثابت بالعلم.
وأما احتجاجه بالتصريف في : نبا ، ينبو ، فهو نابي ، فهذا أبعد وأبرد ؛ لأن التصريف يصح في أفعال الله تعالى بالإجماع كقولنا : طال ، يطول ، طولا فهو طويل ، وسمن ، يسمن ، سمنا فهو سمين ، وحسن ، يحسن حسنا فهو حسين ، وذلك إنما يثبت في ثبات النبوة الذي هو الارتفاع ، فإن كان ذلك فالله [سبحانه] (٣)
__________________
(١) في (ب) : لا تحاله تحت كلمتين من الآية.
(٢) سقط من (أ).
(٣) في (ب) : تعالى.