وثانيها : أن الدعوة طريق الإمامة.
وثالثها : الشروط المعتبرة في الإمام وهي : العلم ، والورع ، والفضل ، والشجاعة ، والسخاء ، والقوة على تدبير الأمر ؛ أما الذي يدل على الأول فإجماع الأمة على جوازها فيهم واختلافها فيمن سواهم بعد بطلان النص على أعيان الأئمة الذي تقول به الإمامية ، والإجماع حجة ولا دليل على خلافه.
أما أن الأمة أجمعت على ذلك فلأن المعترض للمنصب افترقوا على ثلاثة أقوال : الخوارج ، والمعتزلة ، والزيدية.
فقال الخوارج : الإمامة جائزة في [جميع] (١) الناس وهذا باطل ؛ لأن الإمامة أمر شرعي لا مجال للعقل فيها ، من حيث أنها تقتضي أمورا ضارة ينفر العقل منها ، مثل : القتل ، وأخذ الأموال طوعا وكرها وصرفها في مستحقها [والحدود] (٢) وما شاكل ذلك ، وليس في الشرع ما يدل على جوازها في الناس كلهم ، وبذلك يبطل قول من يدعي طريقها الإرث والقهر والغلبة ؛ لأن لا طريق في الشرع يقتضي ذلك ، فما لم تدل دلالة شرعية عليها بقيت على حكم الأصل ، وهو المنع من التصرف على الناس في أمور تضرهم.
وقالت المعتزلة بجوازها في قريش وحدهم ، وسنتكلم عليهم فيما تفردوا به إن شاء الله تعالى.
وقالت الزيدية : إنها جائزة في ولد الحسن والحسين ـ عليهماالسلام ـ دون غيرهم ، فمن أجازها في كل الناس فقد أجازها في ولد الحسن والحسين ؛ إذ هم من
__________________
(١) في (ب) : في كل الناس.
(٢) سقط من (أ).