كذلك ، بل يكون المراد أنه جزء من [كذا و] (١) كذا جزء من أفعال أهل النبوة ، وهذا الذي يعقل ويستقيم ، [ثم] (٢) كذلك في نظائره كما ذكرها في الرؤيا الصادق ، وغير ذلك مما يشابهه ؛ فالمراد من أفعال أهل النبوة وأحوالهم أو ما يفعل لهم.
والدليل على صحة ما ذكرنا أن من أنبأه الله تعالى من البشر أو أرسله لإنباء البشر بغير واسطة بشر سميناه نبيا وإن عدم ما عدم ، ومن كان على غير ذلك لم نسمه نبيا وإن وجد ما وجد تسمية شرعية.
فأما تسمية أهل اللغة فالرفع نبا ، والمنبئ نبي ، وإلا تطرقت إلى من أنبأه ، ولا إلى من أنبأ ، فلا وجه لذكر ما يجري هذا المجرى ، وما روي عن أبي ذر رحمهالله تعالى هو آحاد ، والنبوة من الأصول فلا يعترض به فيها ، وإن صح ما ذكرنا في معنى النبوة لا نعتبر هذا ؛ لأنا قد قلنا : من أنبأه الله بغير واسطة بشر فهو نبي ، وكذلك عيسى عليهالسلام لأن الله تعالى أنبأه في تلك الحال بغير واسطة بشر بأنه يكون نبيا زكيا أينما كان ، ومرسلا إلى البرية وأمره ببر والدته وأن لا يكون جبارا شقيا ، وأنه يكون معصوما في حال حياته إلى أن يموت على العصمة لأنه قال : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم : ٣٣] وكل هذا الكلام لا سبيل إلى دفع حصوله عقب الولادة ، ولا بد من كونه حقا خارجا عن الكذب ، إذ لا يجوز ذلك عليه لأنه قاعدة أمره عليهالسلام فهو نبأ بذلك ، كما ترى لما أنبأه الله تعالى بما حكى.
__________________
(١) زيادة في (ب).
(٢) زيادة في (ب).