إن وجوب النظر مقدم على وجوب المعرفة أعني النظر في طريق معرفة الله تعالى فأما العلم بوجوب المعرفة [فمتقدم] (١) على العلم بوجوب النظر ، وقال ولم يلزم ترتيب المعلومين بترتيب العلمين كالعالم والقديم تعالى.
قال : وفي كلام مولانا خلاف ذلك ، وهو أن وجوب المعرفة يتقدم في الغرض ، فكيف يصح الجمع بين ذلك وإن لم يكن القول متفقا ، فما حكم المخطئ في هذه المسألة؟
الجواب عن ذلك : أن الكلام في وجوب المعرفة هو اتفاق ، وإنما قيل بوجوب النظر لأنه طريق إليها ، فوجوبه تابع لوجوبها ، وتأدية وجوب المعرفة فرع على حصول النظر ؛ إذ لا تحصل المعرفة إلا به ، فلو حصلت من دونه لم يكن النظر معدودا في الواجبات ؛ لأنه لا يراد لنفسه فهو كالوضوء مع الصلاة وكالمشي مع رد الوديعة ، فنحن قصدنا في قوله التحقيق ، والقاضي رحمهالله تعالى زاد بيانا ووسع في كشف الغرض فلا تنافي بينهما.
وقوله : وجوب النظر متقدم على وجوب المعرفة لا يعقل منه إلا وجوب التأدية لا وجوب الإلزام ، كما نقول في المشي والوديعة وجوبه متقدم على وجوب تأديتها إذ يتعذر خلافه ، والتكليف لا يلزم بالتعذر ، وأما على وجوبها فلا ؛ لأن وجوبها هو الأصل وذلك تابع ، وإنما قدم لكونه طريقا ، فلو حصل التطرق إليه بدونه لما وجب رأسا ، وكذلك في النظر والمعرفة ، والخلاف في هذه المسألة مما يخف به الحكم وهو أيضا محتمل.
وأما التمثيل بالعالم والقديم فهو تقريب لأنه أتى في وقت جهل ظاهر ؛ لأن غير
__________________
(١) في (أ) : فمقدم.