نقول اختلافه لاختيار الباري الفاعل الحكيم سبحانه وليس كذلك الموجب لأنه اختيار له ، وكذلك الكلام في الطعوم كان الحلو بأن يكون أولى من الحامض أو يستويا في الولا فما المخصص؟ فإن قيل : اختيار الباري فهو المراد ، ومع الموجب لا يصح ذلك ، وكذلك في الألوان والروائح وجميع الأعراض كلها ، وأما المخترع فهو اسم لما فعله الباري ابتداء وأفعاله تعالى مخترعة.
وإنما قلنا بالتوليد لاستحالة الفعل منا لذلك وليس كذلك الباري سبحانه ؛ لأنه لا يستحيل عليه شيء ، فإن قدم ما يجري مجرى المسبب فلمصلحة تعلق لإيجاده لا لإرادة إيجاد الفعل ، فوجوده منه تعالى يصح بدونه وكان إيجاده لأجل ذلك والحال هذه يكون عبثا ، كما لو تأتى لنا الفعل بدون الاعتماد لما اعتمدنا في الأجسام.
وقوله : هل يفعله وقت حدوثه أو قبل أو بعد ، لا يلزم لا يفعله الموجب في حكم من قد فعل الموجب ، لكون الميت في حكم الموجود إنما يصح تقديره في أفعالنا لاستحالة وجودها إلا كذلك بخلاف فعل الباري تعالى.
وإن رأينا ما يشبه فعلنا من فعله تعالى فالحال فيه مختلف ؛ لأنه يوجد الحركات شيئا بعد شيء ويعلمها مفصلة ، وإلا كان جاهلا عابثا تعالى عن ذلك.
وقد قدمنا الدلالة على بطلان إيجاب الجسم لشيء من الأعراض.
وأما قوله تعالى : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) [الكهف : ١٨] وأن ذلك لئلا تأكل الأرض جسومهم فلا يستقيم ؛ لأن أكل الأرض للحومهم لو كان موجبا على الأرض فحصل عند وضع الجنوب عليها بلا فصل ؛ لأن ذلك المعقول من الموجب عند من بينه.
وأما التقلب فلا يكون عبثا لأن تعبد الملائكة عليهمالسلام أو من فعله تعالى لتعتبر