الحمد لله الذي جعل إلهام الحمد من موجبات حمده ، وصلاته على محمد الصادق المصدوق وعلى الذرية الطيبين من بعده.
أما بعد .. فإنه بلغنا نزاع جرى من الأصحاب ، لا يحسن مثله من أولي الألباب ، لأن التلاحي من غير بصيرة في الدين ، من حبائل إبليس اللعين ، وإنما الواجب على العاقل التبصر والتفكر ، وتنقير الأدلة والتدبر ، ليكون من الفائزين ، كما روينا عن أبينا الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين أنه قال : «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله تعالى ، والتدبر لكتابه ، والتفهم لسنتي ، زالت الرواسي ولم يزل ، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال ، وقلدهم فيه ذهبت به الرجال ، من يمين إلى شمال ، وكان من دين الله على أعظم زوال» (١) وهذا كما ترى عظيم ، والخطر بالنفس شديد ، ولا سيما مع صحة النقل بالخلود ، وصدق الوعيد ، ولما جعلنا الله تكرمة ورثة الكتاب وتراجمه ، من أهله وحفظته واستأمننا على خلقه ، واستخلفنا في بلاده ، واستشهدنا على عباده ، وكان من لوازم ذلك وموجباته أن نعمل له شكرا ، وأن تزداد به الأمة نصحا ، وإذا كان ذلك كذلك لزمنا أن نبيّن للراغبين ، وأن نشفي قلوب الطالبين ، برسالة تتضمن ما نذهب إليه بأدلة مختصرة ، وأدلة شافية تثلج لها قلوب الراغبين ، ولا بد والحال هذه من مقدمات يبنى عليها الكلام.
أولها : تبيين الزيدية من هم ولم اختصوا بهذا الاسم؟ وما الظاهر من قولهم الآن في جميع أقطار البلاد؟.
وثانيها : تبيين مذهبهم في الإمامة من وقت الصحابة رضي الله عنهم وبعدهم إلى
__________________
(١) الحديث ذكره الأمير الحسين بن بدر الدين في ينابيع النصيحة ط ١ ص ٣٠ بإسناده عن والده ، بإسناده عن أمير المؤمنين ، وكذلك ذكره أحمد بن الحسن الرصاص في مصباح العلوم ص ٢٤ في آخر المتن.