مقرر في مواضعه من أصول الفقه ، فإذا لم يجز عطف قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) على جميع من ارتد الضمير في قوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ) ، وحمل على الغير المتفق عليه ، أو البعض المختلف فيه ، والغير أو البعض المختلف فيه ، والبعض والغير لا يكون إلا أمير المؤمنين عليهالسلام.
فإن قيل : هذا في قصة عبادة بن الصامت ، والمراد به جماعة المسلمين.
قلنا : فإذا بطل بما بيّنا أنه لا يجوز عطف الجمع عليه لاستحالة عطف الشيء على نفسه لغة ، وكان المراد بعضهم كما قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) [الأحزاب : ٧] ، فالمعطوف هاهنا بعض من تقدم ، وهو علي عليهالسلام وله أمثال كثيرة أو الغير كما هو موضوع في الأصل ، كان المراد بذلك أمير المؤمنين عليهالسلام بالاتفاق.
ومما يزيد ذلك وضوحا أن الآية أفادت مخاطبا هو الله سبحانه ، ومخاطبا هم المؤمنون ، ووليا هو الله سبحانه ورسوله وأمير المؤمنين ، ألا ترى أن قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) يعلم بظاهره أن المراد بذلك هم المؤمنون ، وقد صرح بذكر رسوله مع ذكره تعالى ، فالمراد بلفظ الجمع هاهنا أمير المؤمنين عليهالسلام وورود ذكره بلفظ الجمع تفخيما لشأنه وتعظيما لحاله ، وقد قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩] قد ذكر لفظ الجمع هاهنا في خمسة مواضع ، والمراد الحكيم سبحانه وحده ومثله كثير في اللغة العربية.
ومن (الجمع بين الصحاح) لرزين العبدري في تفسير سورة المائدة ، من (صحيح النسائي) عن ابن سلام قال : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلنا : إن قومنا حادونا لما صدقنا الله ورسوله وأقسموا أن لا يكلمونا ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) [المائدة : ٥٥] ،