وذلك أن مسور بن مخرمة (١) نسب يزيدا لشرب الخمر فأمر به فجلد الحدّ ، فيا محسن الظن بيزيد أتعرف أن يزيدا إن تأهب في إنكار هذا عنه فهل يمكنك إنكار تحريم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للمدينة بين عير إلى ثور وإلى كذا وكذا على اختلاف الأحاديث ، ومنع الشرع فيها من قتل القنابر والعصافير والحمام واليمام ، وأنواع الصيد ، وقطع أغصان الشجر ؛ فإن نازعت في هذا أتيناك بما رويناه بالإسناد الموثوق به في صحيح البخاري بإسناده عن إبراهيم التميمي عن أبيه قال : خطبنا علي عليهالسلام فقال : ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله تعالى ، وما في هذه الصحيفة. قلنا : وما في الصحيفة؟ قال : فيها الجراحات ، وأسنان الإبل ، والمدينة حرام ما بين عير إلى كذا ؛ فمن أحدث فيها حدثا ، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرفا ولا عدلا ، ومن تولى غير مواليه فعليه مثل ذلك ، وذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه مثل ذلك (٢) ، فهل يقع الشك في أن قتل ستة آلاف رجل مسلم من المهاجرين وأبناء المهاجرين ، والأنصار وأبناء الأنصار ، ونهب المدينة ثلاثة أيام وإيطاء الخيل حوالي قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حرب ، ولا يختلف رجلان مسلمان بأن قتل حمامة أو عصفور حدث ، وإذا حرم قطع غصن من أغصان شجرها فقطع عنق المسلم أدخل في باب التحريم.
وقد أكدنا وكررنا نريد المبالغة في الهداية والتعرض للأجر والمثوبة وذكرنا نبذا مما تضمنه الصحاح ، والثعلبي ومسند أحمد بن حنبل ، وفيها ما قد علمنا وأعلمناك تنبيها ، منها : «علي مني وأنا منه» ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من سبك فقد سبني ومن سبني
__________________
(١) المسور بن مخرمة بن نوفل القرشي ، الزهري. قالوا : أدرك النبي وهو صغير ، وكان مع خاله عبد الرحمن بن عوف ليالي الشورى ، وشهد فتح إفريقيا مع عبد الله بن سعد ، ثم كان مع ابن الزبير فأصابه حجر من حجارة المنجنيق في الحصار بمكة فقتل سنة ٦٤ ه.
(٢) العمدة لابن البطريق ص ٣١٢ برقم (٥٢٣) ، وهو في البخاري ج ٤ ص ١٠٠.