وقال أبو بكر لأصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الأرض كافرة ، وقد رأى وفدهم منكم قلة ، وإنكم لا تدرون ليلا تؤتون أو نهارا ، وأدناهم منكم على بريد ، وقد كان القوم يأملون أن نقبل ما أتوا به ، وقد أبينا عليهم ، ونبذنا إليهم فاستعدوا وأعدوا له (١).
فهل علمت ـ أيها السامع ـ أن أهل (المصانع) نقضوا مما كان عليه القوم كلمة واحدة ، بل زادوا مع (٢) ذلك قطع الصلاة مع الزكاة إلا القليل ، واعتقاد الكفر الذي قدمنا ذكره ، وتولية الأمر من يعتقده ، والموالاة له ، وكان من قولهم : إن بلادنا لا تحتمل الزكاة في المجامع والمحافل ، فلا يقول لهم أحد : اتقوا الله ، وجاءوا إلى الصنو يحيى بن حمزة في محفل جامع فقالوا : إنّا نريد منك بأن تعقد لنا بأن الإمام لا يطالبنا بالزكاة ، ولا يذكر فيها كلمة واحدة. فقال لهم : لا أجترئ على ذلك ؛ فكيف يجوز لمسلم يعتقد إسلامهم أو يعدهم من جملة المسلمين أو يخرجهم من أحكام المرتدين! نبئوني بعلم إن كنتم صادقين.
ولما حاربهم خالد بن الوليد في (بزاخة) (٣) لم يقع سبي ؛ لأن طليحة كان أمرهم بإنفاذ أموالهم ونسائهم وذراريهم إلى نواحي بلاد طيئ ، وأن يلقوا المسلمين متجردين في الجنود ، ولما قتل الله منهم من قتل في بزاخة ، وفض جمعهم بعد بلاء شديد لا يتعلق ذكره بما نحن بصدده نهد لبني تميم في المهاجرين والتابعين ، فتخلف
__________________
(١) انظر الطبري ٢ / ٢٥٥.
(٢) في (ب) على.
(٣) بزاخة وحربها ، انظر عنها (الكامل) لابن الأثير ، ط دار الكتاب العربي ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٦ حوادث سنة ١١ ه. وانظر أيضا الطبري حوادث سنة ١١ ه ، قال في (معجم البلدان) ١ / ٤٠٨ : بزاخة بالضم والخاء معجمة. قال الأصمعي : بزاخة ماء لطي من أهل نجد. وقال أبو عمرو الشيباني : ماء لبني أسد ، كانت فيه وقعة عظيمة في أيام أبي بكر الصديق مع طلحة بن خويلد ... إلخ. وفي (معجم ما استعجم) للبكري ١ / ٢٤٦ : بعد أن ذكر قول الأصمعي وأبي عمرو ؛ قال : قال أبو عبيدة : هي رملة من وراء النباج قبل طريق الكوفة ، وروي عنه : بزوخة بالواو. وعن بزاخة والمرتدين. انظر (سنن البيهقي الكبرى) ٨ / ١٨٣ ، ٣٣٤ ، ٣٣٥.