سن بعد معاوية ملوك بني مروان (١) ، من تناقض أحكامها ، وجورها في أقسامها ، وأولئك فأعداء ديننا ، وحكم أولئك فغير (٢) حكم ربنا ، وحكم ديننا فالحكم الذي لم يخالطه قط جور ، وأموره من الله فالأمور التي لا يشبهها أمور ، ويحق (٣) بذلك أمر وليه أحكم الحاكمين ، وحكم جاء من رب العالمين.
وأما قوله : رجل من أهل تهامة. فإنما هو ضرب من العجامة ، وما في هذا ويله ، ما أشد عتوّه وكفره ، تهاميا كان عليهالسلام أو شاميا ، أو مغربيا كان من الناس أو مشرقيا ، هل هو إلا بشر آدمي ، بعثه إلى كل فصيح وأعجمي ، كما قال سبحانه ، أجزل الله كرامته ورضوانه: (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) (٦) [فصلت : ٦]. هل هو إلا رسول الله صلى الله عليه بعثه الله إلى الانسان ، وإحسان من الله وهبه الله عباده لا كالاحسان ، أرسله سبحانه بهداه مبتديا ، إلى أولاء الخلق بأن يكون مهتديا ، إل الملأ من عشيرته ، وفي ولد إبراهيم وذريته ، وإلى أبناء قحطان من خيرته ، وهم الذين كانوا في كفرهم أوفى أهل الكفر لمن عاهدوا عهدا ، وأكرمهم لمن وادّ ودّا ، وأحسنهم لمن تحرّم بهم تحرّما ، وأحفظهم لجوار من جاورهم تكرما ، وأشدهم للكذب إنكارا ، وعن كل دناءة خلق استكبارا ، وأشدهم لله إعظاما ، ولحرم بيته إكراما ، والذين يقول عنهم ، فيما ذكر عنهم ، في عبادة ما كانوا يعبدون معه من الأوثان ، تقربا بعبادتهم لذلك إلى الرحمن ، (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [ص : ٨٤]. أما سمعت قول الله فيهم ، وفيما ذكر لعباده من تمنيهم ، (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٩) [الصافات : ١٦٧ ـ ١٦٩]. ويقول سبحانه عنهم خاصا (٤) دون الخلق ، في تمنيهم دون أهل الأرض لدين الحق ، (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى
__________________
(١) في (أ) و (ج) : في. وقد سبق في الدليل الكبير بعض ما ورد في بني أمية فراجعه.
(٢) في (أ) : غير.
(٣) في (ب) : بحق.
(٤) في (أ) : خاصة. وفي (ج) : حاصلا. مصحفة.