سبيلا؟! ما أحسب كلامه بهذا ومثله إلا خبلا وتضليلا!! فسبيل ـ زعم ـ للطاغوت وحزبه ، وسبيل تفرد الله به ، (١) وإنما يكون سبيلهم لهم سبيلا غيا ، إذا (٢) كان كل أحد سواهم منه بريّا ، وإنما يكون السبيل لله سبحانه سبيلا ، (٣) إذا كان إليه داعيا وعليه دليلا ، فهذا ـ ويله ـ وجه السبيلين ، لا ما قال به من محال الشيئين.
وقال : هل تعلم يا هذا لم خلق الخلق؟! فنعم نعلم ، إذ (٤) علّم وفهّم ، ومن ما نزّل من ذلك وبيّن ، أما الجن والإنس فلما قال تعالى من عبادته ، إذ العبادة له واجبة على أهل النعمة في محمدته ، وأما ما سوى الثقلين فلهما خلقه ، وبه استحق عليهما من الشكر ما استحقه ، فذلك قوله جل ثناؤه ، وتباركت بقدسه أسماؤه : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٥٨) [الذاريات : ٥٦ ـ ٥٨]. ومن ذلك قوله سبحانه : (سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١٣) [الجاثية : ١٢ ـ ١٣]. فسبحان الله مستقح الرضى ، ممن أطاع أو عصى ، بأحق حقائق الاستحقاق ، وما يحق للخالق الرزاق.
فأما قوله : فما أراد بخلقه الخير أم الشر؟!
فالخير أراد بهم جميعا سبحانه معجلا ، وثواب المحسن منهم أراد جل ثناؤه مؤجلا ، فأراد سبحانه الخير في كلهم إرادة تعجيل ، أتمها فأكملها أفضل تكميل ، لا كما يريد من لم تتم إرادته ، ولا تحق على غيره عبادته ، وأما إرادته في التأجيل ، فإرادة خلافها يستحيل ، إذ لا يكون بنية أهل الدين ، إلا بنية تمليك وتمكين ، وأنه متى كان غير ذلك
__________________
(١) في (أ) : الله زعم نهجه. وفي (ج) و (د) : الله به زعم نهجه. وفي (ب) : ينهجه. والعبارة قلقة هنا ولعل (زعم بنهجه). زيادة من النساخ. فالكلام مستقيم بدونها. أو أن هنا سقطا من الكلام.
(٢) في (ب) و (ج) و (د) : سبيلا وغيا. وفي (أ) : وعيا. ولعلها مصحفة وما أثبت اجتهاد ، ولم يظهر لي المعنى ، والله أعلم بالصواب. وفي (أ) و (ب) و (ج) : إذ.
(٣) سقط من (ب) و (د) : سبيلا.
(٤) في (أ) و (ج) و (د) : إذا.