علم من كم ركّب؟ وأي الأشياء هو إذا تركّب ، ومضطر أن يكون ما كان من الأشياء لما منه كان نظيرا ، قليلا كان منه إذا (١) كان أو كثيرا ، وأن الذي يكون عنه ، كالكل إذا يكون منه.
فإن كان لا يستقيم أن يكون الحيوان ، ولا ما جعل الله له من الأجسام ، ولا الأشجار ، ولا ما جعل الله له من الثمار ، بلا منتهى في عظم ولا صغر ، ولا فيما يرى له من قدر ، فكذلك الكل ـ عند من يعقل ـ ذوات (٢) نهاية ، إذ هذه الأشياء التي هي أجزاؤه ذوات غاية ، ولا تستقيم له ما لم يستقم لأجزائه ، وإنما تناهيها من قبل انتهائه.
وإن كان الحيوان والشجر وأجزاؤهما ، التي لحق (٣) بها في وصفها انتهاؤهما ، لسن (٤) حوادث مفتعلة ، وإنما يريد القائل بحوادث منفصلة.
وبعضها عندهم فبعض ، فالماء منها هو الأرض ، والأرض فهي الماء ، والماء فهو الهواء ، فإن ذلك يصير إلى أن كل موجود فمن موجود ، والموجود فلا يصح أن يقال له كن (٥) ولا يعود ،! وكيف يكون الكائن؟ أو يبين شيء من شيء وهو بائن؟! كقولك : إن الماء ينفصل من اللحم واللحم ينفصل من الماء كيف والماء فأصل موجود ، وإن كان كل جسد ذي حد إذا خرج منه بقدره جسد مثله محدود ، فني عندها يقينا ، وبطل أن يكون كمينا ، (٦) فمعروف أنه لا يكون الكل من الكل ، ولا يخرج منه في الوزن مثل له بعد مثل ، كيف وقد يعلم أن الشيء إذا أخذ منه مثله ، فقد فني وذهب كله ، وإن كان ما أخذ منه ، مقصرا في القدر عنه ، نقص منه بقدر ذلك ، لا يكون الأمر فيه أبدا إلا كذلك ، ولا يستقيم أن يكون لهذا الذي أخذ منه مثله قوام أبدا بلا منتهى ، ولو انتقص منه مثل بعضه لكان بذلك قد تناها ، الشيء الذي يدوم عظمه وينفى عنه تغيّره ، ولا
__________________
(١) في (ب) : إذ.
(٢) في (ب) : دونها. مصحفة. وفي (أ) و (د) : ذو نهاية. وفي (ج) : ذوا نهاية. ويبدو أنها مصحفة. والصواب ما لفقت من الجميع. ويدل عليه ما بعده.
(٣) في (أ) و (ج) : يحق. ولعلها مصحفة.
(٤) في (ب) و (د) : ليس. مصحفة.
(٥) في (ب) و (ج) و (د) : يكون. مصحفة.
(٦) من الكمون ، وهو الاختفاء.