والمزاج نفسه فثمرة لا من مثلها ، وعقدة المزاج فليست كأصلها ، إذ أصلها اثنان وهي واحدة ، وإذ هما لها أصل وهي لهما عقدة ، فأيّ مكابرة أوحش ، أو محال قول أفحش؟! مما أدى إلى مثل هذا ، وما كان من القول هكذا؟!
فليعلموا ـ ويلهم ـ أن الله هو الذي صنع الأولاد للآباء ، وأنه لا يصنع الأكفاء (١) الأكفاء ، ولكن الله الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفؤا أحد.
وكيف يصنع والد ولدا؟! وإنما كان بالأمس مولودا ، إذا (٢) يكون الوالد من صنع ولده ، كما الولد من صنع والده ، لأنهما كفوان في الميلاد ، وولدان كالأولاد ، ولكن ذلك كما قال الله الشريك له ، وما بيّنه في كتابه ونزله ، (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)) [الشورى : ٤٩ ـ ٥٠].
ويقال إن شاء الله لهم من الناطق الظلمة فالمنطق خلاف الخرس وهو خير زعمتم؟! أم النور والظلمة جميعا فقد استويا في النطق والاستواء تشابه كما علمتم؟! أم الناطق النور؟ فالمنطق خير وشرور ، والشر إذا فهو في نوركم ، ويلكم ما أبين في هذا شناعة أموركم! وأشد مجونكم! وأعظم جنونكم! وأظهر السفه به وبغيره فيكم! وأغلب الدناءة فيه عليكم.
وزعموا أنهما حساسان ، (٣) فهما لا محالة في الحس مشتبهان ، ومشبه الشر لا يكون إلا شرا مؤذيا أليما ، ومشبه النور لا يكون عندهم إلا نورا كريما ، وفي مشابهة النور بالحس للظّلمة نفي ألا يكون (خيرا ، وفي مشابهة الشر للنور بالحس نفي أن لا يكون) (٤) شرا ، فكل منهما خير شر ، وشر خير ، (٥) وهو من القول فأحول ما يكون
__________________
(١) في (ب) و (د) : الأكفاء إلا الأكفاء. (زيادة).
(٢) في (ب) : إن. مصحفة.
(٣) في (ب) و (د) : أنها حساسات. مصحفة.
(٤) سقط من (ب) و (د) : ما بين القوسين.
(٥) في (ج) : فكل خير منهما خير شر وشر خير. وفي (د) : فكل خير منهما شر خير شر.