يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)) [فصلت : ٤١ ـ ٤٢]. ويقول : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) [الجاثية : ٦]. ويقول : (اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [الزمر : ٥٥].
وقد بيّن الله للخلق ، واحتج عليهم بما بيّن لهم في كتابه ، وأمرهم بالتمسك بما في الكتاب ، والاقتداء بما عن نبيه (١) جاءهم ، فإنما هلك من كان قبلهم ، بإعراضهم عن كتاب ربهم ، والترك لمن مضى من أنبيائهم ، من أهل الكتاب وغيرهم.
فاتقوا الله (٢) ، وانظروا لأنفسكم قبل نزول الموت ، واعلموا أنه لا حجة لمن لم يحتج بقول (٣) الله ، فإن الله سبحانه يقول : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) [العنكبوت : ٤٦]. فاسمعوا قول المفترية على الله. فمن قولهم : إنه لم يعمل أحد خيرا ولا شرا .. فرد الله عليهم مكذبا لهم : فقال : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١)) [محمد : ١]. وقال : (كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة : ١٠٩]. وقال : (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢)) [النجم : ٥٢]. وقال: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) [الذاريات : ٥٢]. وقال : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [غافر : ١٧]. وقال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)) [الزلزلة : ٧ ـ ٨]. مع الآيات الكثيرة المحكمة الواضحة ، من كتاب الله ، تصديقا لما قلنا ، وتكذيبا لما قالوا.
وإنما أنزل الله الكتاب ليتمسّك به ، قال لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (اتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [الأحزاب : ٢]. وقال : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤)) [طه : ١٢٣ ـ ١٢٤]. وقال : (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [الأنعام : ١٠٦]. ثم قال لجميع الأمة : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٣)) [الأعراف : ٣]. فاتقوا الله ولا تقولوا على
__________________
(١) في (أ) : نبيهم. وفي (ج) : بينة. (مصحفة).
(٢) سقط من (ج) : الله.
(٣) في (أ) : بكتاب. وكتب فوقها قول. وفي (ج) : بقول كتاب الله.