وهو ينقسم على ثلاثة أوجه :
أولها : الفرق بين ذات الخالق وذات المخلوق ، حتى ينفى (١) عنه ما يليق بالمخلوقين في كل معنى من المعاني ، صغيرها وكبيرها ، وجليلها ودقيقها ، حتى لا يخطر في قلبك في التشبيه خاطر شك ولا توهيم ولا ارتياب ، حتى توحد الله سبحانه باعتقادك وقولك (٢) وفعلك. فإن خطرت على قلبك في التشبيه خاطرة شك ، فلم تنف عن قلبك بالتوحيد خاطرها ، وتمط باليقين البتّ والعلم المثبت حاضرها ، فقد خرجت من التوحيد إلى الشرك ، ومن اليقين إلى الشك ، لأنه ليس بين التوحيد والشرك ، وبين اليقين والشك ، منزلة ثالثة. فمن خرج من التوحيد فإلى الشرك مخرجه ، ومن فارق اليقين ففي الشك موقعه.
والوجه الثاني : فهو الفرق بين الصفتين ، حتى لا تصف (٣) القديم بصفة من صفات المحدثين.
والوجه الثالث : فهو الفرق بين الفعلين ، حتى لا يشبّه فعل القديم بفعل المخلوقين ، فمن شبّه بين الصفتين ، ومثّل بين الفعلين ، فقد جمع بين الذاتين وخرج إلى الشك والشرك بالله ، وبرئ من التوحيد والإيمان بالله ، وصار حكمه في ذلك حكم من أشرك ، اعتقد ذلك وامترى فشك (٤). فهذه جملة التوحيد المضيقة التي لا يعذر ـ من (٥) اعتقادها ، والنظر في معرفتها ، عند كمال الحجة ـ أحد من العبيد ، فمن مكّن بعد بلوغه وكمال عقله ، وقتا يكمل فيه معرفة العدل ويمكنه ، فتعدى (٦) إلى الوقت الثاني وهو جاهل بهذه الجملة ، فقد خرج من حد النجاة ، ووقع في بحور الهلكات ، حتى يستأنف التوبة ، ويقلع عن الجهل والغفلة ، بالنظر في معرفة هذه الجملة التي لمعرفتها
__________________
(١) في (ب) و (د) : تنفى.
(٢) في (ب) و (د) : باعتقادك وقوله فإن ...
(٣) في (ب) و (د) : لا يصف.
(٤) في (أ) : وشك.
(٥) في (ب) و (د) : عن.
(٦) في (أ) و (ج) : العدل تمكنه. وسقط من (ب) : ويمكنه فتعدى.