هذا قولهم الفاسد إن الروح عرض ، والعرض يفنى أبدا ، ويحدث ولا يبقى وقتين ، فروح النبي صلىاللهعليهوسلم عندهم قد فنيت وبطلت ، ولا روح له الآن عند الله تعالى. وأما جسده ففي قبره موات فبطلت نبوته عندهم بذلك ورسالته.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ونعوذ بالله من هذا القول فإنه كفر صراح لا تردد فيه ، ويكفي من بطلان هذا القول الفاحش الفظيع أنه مخالف لما أمر الله عزوجل به ، ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، واتفق عليه جميع أهل الإسلام من كل فرقة وكل نحلة من الأذان في الصوامع كل يوم خمس مرّات في كل قرية من شرق الأرض إلى غربها بأعلى أصواتهم ، وقد قرنه الله تعالى بذكره : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، فعلى قول هؤلاء الموكلين إلى أنفسهم يكون الأذان كذبا ، ويكون من أمر به كاذبا وإنما كان يجب أن يكون الأذان على قولهم أشهد أن محمدا كان رسول الله وإلا فمن أخبر عن شيء كان وبطل أنه كائن الآن فهو كاذب ، فالأذان كذب على قولهم ، وهذا كفر مجرد ، وكذلك ما اتفق عليه جميع أهل الإسلام بلا خلاف من أحد منهم من تلقين موتاهم : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فإنه باطل على قول هؤلاء ، وكذلك ما عمل به رسول الله صلىاللهعليهوسلم مدة قتاله الأمة ، وأمره عن الله عزوجل بأن يعمل به بعده أبدا ، وأجمع على القول به والعمل جميع أهل الإسلام من أول الإسلام إلى آخره ، ومن شرق الأرض إلى غربها ، إنسهم وجنهم بيقين مقطوع به دون مخالف فيما تخرج به الدماء من التحليل إلى التحريم ، أو إلى الحقن بالجزية من أن يعرض على أهل الكفر أن يقولوا : لا إله إلّا الله محمد رسول الله ، فيجب على قول هؤلاء المخذولين أن هذا باطل وكذب ، وإنما كان يجب أن يكلفوا أن يقولوا محمد كان رسول الله ، وكذلك قوله تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) [سورة النساء : ١٦٤].
وكذلك قوله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) [سورة المائدة : ١٠٩].
وقوله تعالى : (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) [سورة الزمر : ٦٩].
فسماهم الله رسلا وقد ماتوا ، وسماهم نبيين ورسلا وهم في القيامة ، وكذلك ما أجمع الناس عليه وجاء به النص من قول كل مصلّ فرضا أو نافلة : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فلو لم يكن روحه عليهالسلام موجودا قائما لكان السلام على العدم هذرا.