وسائر فرق الخوارج ، فإنهم ينفون أن يكون الدجال (١) جملة فكيف أن يكون له آية.
وأما سائر فوق المسلمين فلا ينفون ذلك. والعجائب المذكورة عنه إنما جاءت بنقل الآحاد.
وقال بعض أصحاب الكلام : إن الدّجال إنما يدّعي الربوبية ، ومدّعي الربوبية في نفس قوله بيان كذبه.
قالوا : فظهور الآية عليه ليس موجبا لضلال من له عقل.
وأمّا مدّعي النبوة فلا سبيل إلى ظهور الآيات عليه ، لأنه كان يكون ضلالا لكل ذي عقل.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وأما قولنا في هذا فهو أن العجائب الظاهرة من الدجال إنما هي حيل من نحو ما صنع سحرة فرعون ، ومن باب أعمال «الحلّاج» وأصحاب العجائب ، يدل على ذلك حديث «المغيرة بن شعبة» إذ قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : إن معه نهر ماء ونهر خبز ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هو أهون على الله من ذلك (٢).
حدثنا «يونس بن عبد الله بن مغيث» حدثنا «أحمد بن عبد الرحيم» ، حدثنا «محمد بن عبد السلام الخشني» ، حدثنا «محمد بن بشار بندار» ، حدثنا «يحيى بن سعيد القطان» ، حدثنا «هشام بن حسان القردوسي» (٣) ، حدثنا «حميد بن هلال» عن «أبي الدّهماء» ، عن «عمران بن حصين» عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من سمع من أمتي بالدّجال فلينأ عنه ، فإن الرجل يأتيه وهو يحسبه مؤمنا فيتبعه مما يرى من الشبهات» (٤).
__________________
(١) أن يكون الدجال : أي أن يوجد. ف «يكون» فعل تامّ.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند (٤ / ٢٤٦) بلفظ : عن المغيرة بن شعبة قال : ما سأل أحد النبيّ صلىاللهعليهوسلم أكثر مما سألت عنه ، فقال : إنه لا يضرّك. قال : قلت : إنهم يقولون معه نهر وكذا وكذا. قال : هو أهون على الله من ذاك.
(٣) كانت في الأصل «الفردوسي» بالفاء. والصواب ما أثبتناه «القردوسي» بالقاف. حدّث عن الحسن وابن سيرين وأخته حفصة بنت سيرين وأبي مجلز وعكرمة وغيرهم. وحدّث عنه ابن جريج وشبعة وسفيان والحمادان وغيرهم. توفي في أول صفر سنة ١٤٨ ه.
انظر ترجمته في تاريخ البخاري الكبير (٨ / ١٩٧) وتاريخ البخاري الصغير (٢ / ٨٥) والجرح والتعديل (٩ / ٥٤) وتذكرة الحفاظ (١ / ١٦٣) وسير أعلام النبلاء (٦ / ٣٥٥) وميزان الاعتدال (٤ / ٢٩٥) وتهذيب التهذيب (١١ / ٣٤) وشذرات الذهب (١ / ٢١٩).
(٤) أخرجه أبو داود في الملاحم (باب ١٤) وأحمد في المسند (٤ / ٤٣١ ، ٤٤١).