«آمد» (١) من ديار بكر (٢) ، وتصب مياها في البطائح المشهورة بقرب البصرة في أرض العراق متاخمة أرض العرب.
وأما الفرات فمخرجه من بلاد الروم على يوم من «قالي قلا» (٣) قرب «أرمينية» ثم يخرج إلى «ملطية» ، ثم يأخذ على أعمال «الرقة» (٤) إلى العراق ، وينقسم على قسمين : كلاهما يقع في «دجلة».
فهذه كذبة شنيعة كبيرة لا مخلص منها. والله تعالى لا يكذب. وأخرى وهي قوله : إنّ النيل محيط ببلد «زويلة» ، و «جيحان» محيط ببلد الحبشة ، وهذه كذبة شنيعة ما في جميع أرض السودان والحبشة وغير الحبشة نهير غير النيل وما ثم غيره أصلا ، ويتفرع سبعة فروع كلها مخرج واحد ، ثم يجتمع فوق بلاد النوبة.
وكذبة ثالثة : وهي قوله : إن ببلد «زويلة» اللؤلؤ الجيد وهذا كذب ، وما للؤلؤ بها مكان أصلا إنما اللؤلؤ في مغاصاته في بحر فارس وبحر الهند والصين ، وهذه فضائح لا خفاء بها لم يقلها الله تعالى قط ، ولا إنسان يهاب الكذب.
فإن قال قائل : فقد صح عن نبيكم صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «النيل والفرات وسيحان (٥)
__________________
تفليس ونواحيها ، والكبرى خلاط ونواحيها. وقيل : أربع ، الأولى بيلقان وقبلة وشروان وما انضم إليها ، والثانية جرزان وصغدبيل وباب فيروز قباذ واللّكز ، والثالثة البسفرجان ودبيل وسراج طير وبغروند والنشوى ، والرابعة بها قبر صفوان بن المعطل السلمي صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرب حصن زياد منها شمشاط وقاليقلا وأرجيش وباجنيس (مراصد الاطلاع : ص ٦٠ ، ومعجم البلدان : ١ / ١٦٠).
(١) آمد (بكسر الميم ، وهي لفظة رومية) : بلد قديم حصين ركين مبنيّ بالحجارة السود على نشز ، ودجلة محيطة بأكثره مستديرة به كالهلال ، وهي تنشأ من عيون بقربه (مراصد الاطلاع : ص ٦).
(٢) ديار بكر : بلاد كثيرة واسعة تنسب إلى بكر بن وائل ، وحدّها ما غرّب من دجلة من بلاد الجبل المطلّ على نصيبين إلى دجلة ، ومنه حصن كيفا وآمد وميافارقين ، وقد يتجاوز دجلة إلى سعرت وحيزان وحينى وما تخلّل ذلك من البلاد ولا يتجاوز السهل (مراصد الاطلاع : ص ٥٤٧).
(٣) قالي قلا : بلدة بأرمينية العظمى من نواحي خلاط (معجم البلدان : ٤ / ٢٩٩).
(٤) الرقة (بفتح أوله وثانيه وتشديده) : مدينة مشهورة على الفرات من جانبها الشرقي بينها وبين حرّان ثلاثة أيام من بلاد الجزيرة (مراصد الاطلاع : ص ٦٢٦).
(٥) سيحان : نهر كبير بالثغر من نواحي المصيصة ، وهو نهر أذنة بين أنطاكية والروم ، يمر بأذنة ثم ينفصل عنها نحو ستة أميال فيصبّ في بحر الروم. وهو غير نهر سيحون الذي يقع ما وراء النهر قرب خجند بعد سمرقند. انظر مراصد الاطلاع (ص ٧٦٤).