فأحدهما قوله : «والجيل الرابع من البنين يرجعون إلى هاهنا».
وهذا كذب فاحش لا خفاء به ، لأن الجيل الأول من بني إبراهيم عليهمالسلام هم «إسحاق» وإخوته عليهمالسلام ، والجيل الثاني هم : «يعقوب وعيصا» وبنو أعمامهما ، والجيل الثالث : أولاد يعقوب لصلبه ، وهم «دوبان» و «شمعون» و «يهوذا» و «لاوي» و «ساخار» و «زابلون» و «يوسف» و «بنيامين» و «داي» و «هباد» و «عاذ» و «أشاد» وأولاد «عيصا» ، ومن كان في تعدادهما من سائر عقب إبراهيم ، والجيل الرابع : هم أولاد هؤلاء المذكورين ، وهم الجيل الثالث آباؤهم ، ويعقوب جدهم هم الداخلون مصر لا الخارجون منها بنص توراتهم وإجماعهم كلهم بلا خلاف من أحد منهم. وإنما رجع إلى الشام بنص توراتهم وإجماعهم كلهم الجيل السادس من أبناء إبراهيم ، وهم أولاد الجيل الرابع المذكور ، وما رجع من الجيل الرابع ولا من الجيل الخامس ولا واحد إلى الشام. وحاش لله من أن يكذب في خبره.
فإن قيل : إنما تعد الأجيال من الجيل المعذب قلنا : هذا خلاف نص توراتهم ، لأن نصها : «الجيل الرابع من الأبناء».
وأيضا : فإنه لم يعذّب أحد من أولاد يعقوب بل كانوا مبرورين ، وهم الجيل الثالث بنص توراتهم حرفا حرفا ، على ما نورد بعد هذا إن شاء الله تعالى.
إنما ابتدأ التعذيب في أبناء يعقوب ، وهم الداخلون مع آبائهم ، وهم الجيل الرابع ، فعدّ من حيث شئت لست تخرج من شرك الكذب الفاضح وفي هذا كفاية.
والكذبة الثانية : طامة من الطامات ، وهي قوله لإبراهيم : «إن نسلك سيكون غريبا ، في بلد ليس له ، ويستعبدونهم أربعمائة سنة وبعد ذلك يخرجون».
فهذه سوءة وعار الدهر ، لأنه إذا عذب الأربعمائة سنة من وقت بدأ بتعذيب بني إسرائيل بمصر ، فإنما ذلك بعد موت يوسف عليهالسلام إلى أن خرج بهم موسى عليهالسلام نصا ، إذ في سياق توراتهم :
«ولما مات يوسف وجميع إخوته وذلك الجيل كله ، كثر بنو إسرائيل وتكاثروا وتقوّوا ، فملكوا الأرض ، وولي عند ذلك بمصر ملك جديد لم يعرف يوسف فقال لأهل مملكته : إن بني إسرائيل قد كثروا ، وصاروا أقوى منا فأذلّوهم بيننا لئلا يزدادوا كثرة ويكونوا عونا لمن رام محاربتنا فقدّم عليهم أصحاب صناعته لسخرتهم».
هذا نص توراتهم شاهدة بما قلنا. وقد ذكر في توراتهم إذ ذكر من دخل مع