فهذه والله أمور سمجة.
ثم دع «يهوذا» فليس نبيا ، ولا ينكر ممن ليس نبيا مثل هذا ، إنما الشأن كله والعجب في أنهم مطبقون بأجمعهم قطعا على أن «سليمان بن داود» عليهماالسلام ابن «إشماي» بن «عونين» بن «يوغز» بن «بشاي» بن «مخشون» بن «عمينا ذاب» بن «نورام» بن «حصرون» بن «فارص» المذكور ابن «يهوذا» فجعلوا الرسولين الفاضلين مولودين من تلك الولادة الخبيثة راجعين إلى ولادة الزنى.
ثم أقبح ما يكون من الزنى رجل مع امرأة ولده ـ حاش لله من هذا الإفك المفترى!! ولقد قال لي بعضهم إذ قررته على هذا الفصل : إن هذا كان مباحا حينئذ ، فقلت له : فلم امتنع من مضاجعتها بعد ذلك؟ وكيف يكون مباحا وهي لم تعرفه بنفسها ولا عرفها عند تلك المعاملة الخبيثة بالجدي المسخوط ، والرهن الملعون؟ وإنما وطئها على أنها زانية ، إذ اغتلم (١) إليها لا على أنها امرأة الميت ولده ، إلّا إن قلتم إن الزنى جملة كان مباحا حينئذ فقد قرت عيونكم فسكت خزيان كالحا.
وتالله ما رأيت أمة تقر بالنبوّة وتنسب إلى الأنبياء ما ينسبه هؤلاء الأنذال الكفرة ، فتارة ينسبون إلى إبراهيم عليهالسلام أنه تزوج أخته فولدت له إسحاق عليهماالسلام. ثم ينسبون إلى «يعقوب» أنه تزوج امرأة فدست إليه أخرى ليست امرأته فولدت له أولادا منهم انتسل «موسى» و «هارون» و «داود» و «سليمان» وغيرهم من الأنبياء عليهمالسلام. ثم ينسبون إلى «روبان» بن «يعقوب» أنه زنى بربيبته زوج النبي أبيه ، وأم أخويه ، ثم ينسبون إلى «يهوذا» ما ذكرنا من زناه بامرأة ولديه فحبلت وولدت من الزنى ولدا منه انتسل «داود» و «سليمان» عليهماالسلام. ثم ينسبون إلى «يوشع بن نون» أنه تزوج «رحب» الزانية المشهورة الموقفة نفسها للزنى لكل من دبّ ودرج في مدينة «أريحا». ثم ينسبون إلى «عمران بن فهث بن لاوي» أنه تزوّج عمته أخت والده واسمها «يوحانذ» ولدت لجده بمصر فولد له منها «هارون وموسى» عليهماالسلام. هكذا ذكر نسبها في قرب آخر السفر الرابع ثم ينسبون إلى داود عليهالسلام أنه زنى جهارا بامرأة رجل من جنده محصنة وزوجها حي ، وأنها ولدت منه من ذلك الزنى ابنا ذكرا ، ثم مات ذلك الفرخ الطيب ثم تزوجها ، وهي أم سليمان بن داود عليهماالسلام. ثم ينسبون إلى «أمثون» بن داود عليهماالسلام أنه فسق بسراري أبيه علانية أمام الناس ، ثم ينسبون إلى
__________________
(١) اغتلم : اشتدّت غلمته ، الغلمة : شدة الشهوة للجماع (المعجم الوسيط : ص ٦٦٠).