ثم ولي «حزقيا» المؤمن تسعا وعشرين سنة ، ثم اتصل الكفر بعده في عامتهم وملوكهم وعبادة الأوثان سبعا وخمسين سنة.
ثم ولي «يوشا» المؤمن الفاضل إحدى وثلاثين سنة ، ثم لم يل بعده إلّا كافر معلن عبادة الأوثان مدة اثنين وعشرين عاما وستة أشهر منهم من نشر أسماء الله من التوراة ، ومنهم من أحرقها وقطع أثرها ، ولم نجد بعد هؤلاء من ظهر فيهم إلا الكفر وقتل الأنبياء عليهمالسلام إلى أن انقطع أمرهم جملة بغارة «بختنصر» وسبوا كلهم ، وهدم البيت ، واستأصل أثره ، هذا إلى غارات كانت على مدينة «بيت المقدس» وهيكلها الذي لم تكن التوراة عند أحد إلا فيه ، لم يترك فيها شيء ، مرة أغار عليهم صاحب مصر أيام «رحبعام بن سليمان» ، ومرتين في أيام «أمصياهو» الملك من قبل صاحب العشرة الأسباط إلى أن أملاها عليهم من حفظه «عزرا» الوراق الهاروني ، وهم مقرون أنه وجدها عندهم وفيها خلل كثير فأصلحه ، وهذا يكفي ، وكان كتابة «عزرا» للتوراة بعد أزيد من سبعين سنة من خراب بيت المقدس ، وكتبهم تدل على أن «عزرا» لم يكتبها لهم ولم يصلحها إلا بعد نحو أربعين عاما من رجوعهم إلى البيت بعد السبعين عاما التي كانوا فيها خالين ، ولم يكن فيهم حينئذ نبي أصلا ، ولا القبة ولا التابوت ، واختلف في المنارة كانت عندهم أم لا؟
ومن ذلك الوقت انتشرت التوراة ونسخت ، وظهرت ظهورا ضعيفا أيضا ولم تزل تتداولها الأيدي مع ذلك إلى أن جعل «أنطاكيوس» الملك الذي بنى «أنطاكية» وثنا للعبادة في «بيت المقدس». وأخذ بني إسرائيل بعبادته ، وقربت الخنازير على مذبح البيت ، ثم تولى أمرهم قوم من «بني هارون» بعد مئين من السنين ، وانقطعت القرابين فحينئذ انتشرت نسخ التوراة التي بأيديهم اليوم ، وأحدث لهم أحبارهم صلوات لم تكن عندهم جعلوها بدلا من القرابين ، وعملوا لهم دينا جديدا ، ورتبوا لهم الكنائس في كل قرية ، بخلاف حالهم طول دولتهم وبعد هلاك دولتهم بأزيد من أربعمائة عام ، وأحدثوا لهم اجتماعا في كل سبت على ما هم عليه اليوم ـ بخلاف ما كان طول دولتهم ، فإنه لم يكن لهم في شيء من بلادهم بيت عبادة ، ولا مجمع ذكر وتعلم ، ولا مكان قربان قربة البتة إلا بيت المقدس وحده ، وموضع السرادق قبل بنيان بيت المقدس فقط ، وبرهان هذا أن في سفر «يوشع بن نون» بإقرارهم أن «بني رؤوبين» و «بني جادا» ونصف سبط «منسى» إذ رجعوا بعد فتح بلاد الأردن و «فلسطين» إلى بلادهم بشرقي الأردن بنوا مذبحا ، فهمّ «يوشع بن نون» وسائر بني إسرائيل بغزوهم من أجل ذلك ، حتى