أرسلوا إليه : إننا لم نقمه لا لقربان ولا لتقديس أصلا. ومعاذ الله أن نتخذ موضع تقديس غير المجتمع عليه الذي في السرادق وبيت الله. فحينئذ كف عنهم ، ففي دون هذا كفاية لمن عقل في أنها كتاب مبدّل مكذوب موضوع ، ودين معمول خلاف الدين الذين يقرون أن «موسى» عليهالسلام أتاهم به ، وما يريد الشيطان منهم أكثر من هذا ، ولا في الضلال فوق هذا ، ونعوذ بالله من الخذلان.
وأيضا فإن في التوراة التي ترجمها السبعون شيخا «لبطليموس» الملك بعد ظهور التوراة وأفشوها مخالفة للتي كتبها لهم «عزرا» الوراق ، وتدّعي النصارى أن تلك التي ترجم السبعون شيخا في اختلاف أسنان الآباء بين آدم ونوح عليهماالسلام التي من أجل ذلك الاختلاف تولد بين تاريخ اليهود وتاريخ النصارى زيادة ألف عام ونيف على ما ذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى.
فإن كان هو كذلك فقد وضح اليقين ، بكذب السبعين شيخا ، وتعمدهم لنقل الباطل ، وهم الذين عنهم أخذوا دينهم ، وأفّ أفّ لدين أخذ عن متيقن كذبه.
وأيضا فإن في السفر الخامس من أسفار التوراة الذي يسمونه التكرار : أن الله تعالى قال لموسى : «اصنع لوحين على حال الأولين ، واصعد إلى الجبل ، واعمل تابوتا من خشب لأكتب في اللوحين العشر كلمات التي أسمعكم السيد في الجبل من وسط اللهيب عند اجتماعكم إليه. ويرى (١) بهما إليّ فانصرفت من الجبل ، وجعلتهما في التابوت ، وهما فيه إلى اليوم».
وفي السفر المذكور أيضا بعد هذا الفصل قال : ومن بعد أن كتب «موسى» هذه العهود في مصحف ، واستوعبها ، أمر «بني لاوي» حاملي تابوت عهد الرب ، وقال لهم :
خذوا هذا المصحف ، واجعلوه في المذبح ، واجعلوا عليه تابوت عهد الرب إلهكم ليكون عليكم شاهدا.
وقال قبل ذلك في السفر المذكور أيضا : إذا استجمعتم على تقديم ملك عليكم على حال ملوك الأجناس فلا تقدموا إلّا من ارتضاه الرب من عدد إخوتكم ، ولا تقدموا أجنبيا على أنفسكم. إلى أن قال : فإذا قعد على سرير ملكه فليكتب من هذا التكرار في مصحف ما يعطيه الكوهن المتقدم من «بني لاوي» بما يشاكله ويكون ذلك معه ، فيقرأه كل يوم طول ولايته ليخاف الرب إلهه ، ويذكر كتابه وعهده. فهذا كله بيان
__________________
(١) يرى : بمعنى ألقى.