في كتابه المنزل ، على نبيه الصادق المرسل ، فنحن نقطع بنبوة من سمّي لنا منهم ، ونقول في هؤلاء الذين لم يسم لنا محمد صلىاللهعليهوسلم أسماءهم : الله عزوجل أعلم ، إن كانوا أنبياء فنحن نؤمن بهم ، وإن لم يكونوا أنبياء فلسنا نؤمن بهم.
آمنا بالله ، وكتبه ، ورسله ، لا نفرق بين أحد من رسله.
وهكذا نقر بنبوة «صالح» ، و «هود» ، و «شعيب» ، و «إسماعيل» وبأنهم رسل الله يقينا ، ولا نبالي بإنكار اليهود لنبوتهم ، ولا بجهلهم بهم ، لأن الصادق عليهالسلام شهد برسالتهم. وأما التوراة فما وافقنا قط عليها ، لأننا نحن نقر بتوراة حق أنزلها الله تعالى على «موسى» عليهالسلام وأصحابه ، لأنه تعالى أخبرنا بذلك في كتابه الناطق على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصادق ، ونقطع بأنها ليست هذه التي بأيديهم بنصها ، بل حرف كثير منهم وبدّل ، وهم يقرون بهذه التي بأيديهم ، ولا يعرفون التي نؤمن نحن بها ، وكذلك لا نصدّق بشريعتهم التي هم عليها الآن ، بل نقطع بأنها محرفة مبدّلة مكذوبة ، وهم لا يؤمنون «بموسى» الذي بشر «بمحمد» صلىاللهعليهوسلم ، وبرسالته وبأصحابه.
فاعلموا أننا لم نوافقهم قط على التصديق بشيء من دينهم ، ولا مما هم عليه ، ولا مما بأيديهم من الكتاب ، ولا بالنبي الذي يذكرونه لما قد أوضحناه من فساد نقلهم ، ووضوح الكذب فيه ، وعموم الدواخل فيه.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ونذكر إن شاء الله تعالى طرفا مما في سائر الكتب التي عندهم ، التي يضيفونها إلى الأنبياء عليهمالسلام من الفساد كالذي ذكرنا في توراتهم ، ولا خلاف في أن اهتبالهم (١) بالتوراة كان أشد وأكثر أضعافا مضاعفة من اهتبالهم (٢) بسائر كتب أنبيائهم.
أما كتاب «يوشع» فإن فيه براهين قاطعة بأنه أيضا تاريخ ألفه لهم بعض متأخريهم بيقين ، وأن «يوشع» لم يكتبه قط ، ولا عرفه ولا أنزل عليه ، فمن ذلك أن فيه نصا : (فلما انتهى ذلك إلى «دوسراق» ملك «بيوس» التي بنى فيها «سليمان بن داود» بيت المقدس ، فعل أمرا ذكره).
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ومن المحال الممتنع أن يخبر «يوشع» أن «سليمان» بنى بيت المقدس ، و «يوشع» قبل سليمان بنحو ستمائة سنة ، ولم يأت هذا
__________________
(١) اهتبل الفرصة : اغتنمها. ويقال : سمع كلمة فاهتبلها. انظر المعجم الوسيط (ص ٩٧٠) ويريد هنا : اعتناءهم بالتوراة.
(٢) اهتبل الفرصة : اغتنمها. ويقال : سمع كلمة فاهتبلها. انظر المعجم الوسيط (ص ٩٧٠) ويريد هنا : اعتناءهم بالتوراة.