وفيه في المزمور السابع والسبعين منه : «الرّب قام كالمنتبه من نومه كالجبار الذي يقربه أثر الخمار كما يقوم الجريش» (١).
وفيه : «اتقوا ربكم الذي قوته كقوة الجريش».
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ما سمع في الحمق اللفيف ، ولا في الكفر السخيف بمثل هذا الفعل ، مرة يشبه قيام الله تعالى بالمنتبه من نومه ، وقد علمنا أنه لا يكون المرء أكسل ولا أحوج إلى التمدد ، ولا أثقل حركة منه حين قيامه منه ، ومرة يشبهه بجبار ثمل ، وما عهد للمرء وقت يكون فيه أنكد ولا أثقل عينين ، ولا أخبث نفسا ، ولا آلم صداعا ، ولا أضعف عويلا منه في حين الخمار. ومرة يمثله بالجريش ، وما الجريش والله ما هو إلّا ثور من الثيران بقرن في وسط رأسه ، حاشا لله من هذه النحوس التي حقّ من يؤمن بها السوط حتى يعتدل دماغه ، أو يحمق بالكل ويقذف الناس بالحجارة ، ويسقط عنه الخطاب ونعوذ بالله من البلاء.
وفيه من المزمور الحادي والثمانين : «قام الله في مجتمع الآلهة ، وقف إله العزة في وسطهم يقضي».
وهذه حماقة ممزوجة بكفر سمج ، مجتمع الآلهة ، وقيام الله بينهم ، ووقوفه في وسط أصحابه. ما شاء الله كان!! ألا إنّ هذا أخبث من قول النصارى ، لأن الآلهة عند النصارى ثلاثة ، وهم عند هؤلاء السفلة الأراذل جماعة. ونعوذ بالله من الخذلان.
وفيه من المزمور الثامن والثمانين : «من ذا يكون مثل الله في جميع بني الله»؟ وبعده يقول : «إن داود يدعوني والدا وأنا جعلته بكر بنيّ» وبعده : «إن عرش داود يبقى ملكه سرمدا أبدا».
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : هذه كالتي قبلها صارت الآلهة قبيلة وبني أب ، وكان فيهم واحد هو سيدهم ليس فيهم مثله ، والآخرون فيهم نقص بلا شك ، تعالى الله عن ذلك ونحمده كثيرا على نعمة الإسلام ، ملّة التوحيد الصادقة التي تشهد العقول بصحتها وصحة كل ما فيها. مع كذب الوعد في بقاء ملك «داود» سرمدا.
وفيها مما يوافق قول الملحدين الدهرية : الناس كالعشب إذا خرجت أرواحهم نسوا ، ولا يعلمون مكانهم ، ولا يفهمون بعد ذلك.
__________________
(١) رجل جريش : صارم نافذ (المعجم الوسيط : ص ١١٧).