و «باطرة بن نونا» ، و «يوحنا بن سبذاي» ، و «يعقوب» ، و «يهوذا» ، أبناء «يوسف» فقط. ثم لم ينقل عن هؤلاء إلا ثلاثة فقط ، وهم : «لوقا» الطبيب الأنطاكي ، و «مارقس» الهاروني و «بولس» البنياميني. وهؤلاء كلهم كذابون ، وقد وضح عليهم الكذب جهارا على ما نوضحه بعد هذا إن شاء الله تعالى. وكل هؤلاء مع ما صح من كذبهم وتدليسهم في الدين ، فإنما كانوا متسترين بإظهار دين اليهود ، ولزوم السبت بنص كتبهم ، ويدعون إلى التثليث سرّا ، وكانوا مع ذلك مطلوبين حيث ما ظفروا بواحد منهم ظاهرا قتل. فبطل الإنجيل والتوراة برفع المسيح عليهالسلام بطلانا كليا. وهذا الجواب إنما كان يحتاج إليه قبل أن يظهر من كذب توراتهم وكتبهم ما قد أظهرنا ، وأما بعد ما أوضحنا من عظيم كذب هذه الكتب بما لا حيلة فيه فاعتراضهم ساقط ، لأن يقين الباطل لا يصححه شيء أصلا ، كما أن يقين الحق لا يفسده شيء أبدا.
فاعلموا الآن أن كل ما عورض به الحق المتيقن ليبطل به ، أو عورض به دون الكذب المتيقن ليصحح به ، فإنما هو شغب ، وتمويه ، وتخييل فاسد بلا شك ، لأن يقينين لا يمكن البتة في البنية أن يتعارضا أبدا ، وبالله تعالى التوفيق.
فإن قيل : فإنكم تقرون بالتوراة والإنجيل ، وتستشهدون على اليهود والنصارى بما فيهما من ذكر صفات نبيّكم ، وقد استشهد نبيكم عليهم بنصها في قصة الراجم للزاني المحصن. وروي «أن عبد الله بن سلام» ضرب يد «عبد الله بن صوريا» إذ وضعها على آية الرجم. وروي أن النبي صلىاللهعليهوسلم : أخذ التوراة ، وقال : آمنت بما فيك. وفي كتابكم : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [سورة المائدة : ٦٨].
وفيه أيضا : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [سورة آل عمران : ٩٣].
وفيه أيضا : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) [سورة المائدة : ٤٤].
وفيه : (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [سورة المائدة : ٤٧].
وفيه أيضا : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) [سورة المائدة : ٦٦].