الحقيقة ، وأن هاهنا أسماء لله تعالى ودعاء وكلاما ومن عرفه من صالح أو فاسق أحال الطبائع وأتى بالمعجزات وأحيا الموتى ، وأن عجوزا ساحرة أحيت لشاول الملك وهو «طالوت» شمؤال النبي بعد موته ، فليت شعري إذا كان هذا حقا!! فما يؤمنهم أن «موسى» وسائر من يقرون بنبوته كانوا من أهل هذه الصفة؟ ولا سبيل إلى فرق بين شيء من هذا أبدا.
وفي بعض كتبهم : أن بعض أحبارهم المعظمين عندهم ذكر لهم أنه رأى طائرا يطير في الهواء ، وأنه باض بيضة وقعت على ثلاث عشرة مدينة فهدمتها كلها.
وفي بعض كتبهم : أن المرأة المدنية التي ذكر في التوراة التي زنى بها زمري بن خالوا من سبط «شمعون» طعنه «فينحاس بن العيزار بن هارون» برمحه فنفذه ، ونفذ المرأة تحته ثم رفعهما في رمحه إلى السماء كأنهما طائران في سفود ، وقال : هكذا نفعل بمن عصاك.
قال كبير من أحبارهم ، معظم عندهم : إنه كان تكسير عجز تلك المرأة مقدار مزرعة مدى خردل.
وفي كتبهم : أن طول لحية فرعون كان سبعمائة ذراع ، وهذه والله مضحكة تسلي الثكالى ، وترد الأحزان.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : عن مثل هؤلاء فلينقل الدين!! وتبّا لقوم أخذوا كتبهم ودينهم عن مثل هذا الرقيع (١) الكذاب وأشباهه.
وفي بعض كتبهم المعظمة : أن جباية سليمان عليهالسلام في كل سنة كانت ستمائة ألف قنطار ، وستة وثلاثين ألف قنطار من ذهب ، وهم مقرون أنه لم يملك قط إلا فلسطين والأردن والغور فقط ، وأنه لم يملك قط «رفح» ولا «غزة» ولا «عسقلان» ولا «صور» ولا «صيدا» ، ولا «دمشق» ، ولا «عمان» ، ولا «البلقاء» ولا «مواب» ، ولا جبال «الشراة». فهذه الجباية التي لو جمع كلّ الذهب الذي بأيدي الناس لم يبلغها ، من أين خرجت؟
وقد قلنا : إن الأحبار الذين عملوا لهم هذه الخرافات كانوا ثقالا في الحساب ، وكان الحياء في وجوههم قليلا جدّا.
__________________
(١) الرقيع ، والأرقع : الأحمق (المعجم الوسيط : ص ٣٦٥).