وأمّا الحواريون الذين أثنى الله عليهم فأولئك أولياء الله حقّا ندين الله تعالى بمحبتهم ولا ندري أسماءهم ، لأن الله تعالى لم يسمهم لنا ، إلّا أننا نبت ، ونوقن ، ونقطع ، أن «باطرة» الكذاب ، و «متّى» الشرطي ، و «يوحنا» المستخف ، و «يهوذا» و «يعقوب» النذلين ، و «مارقش» الفاسق ، و «لوقا» الفاجر ، و «بولش» اللعين ما كانوا قط من الحواريين لكن من الطائفة التي قال الله تعالى فيها : (وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ) [سورة الصف : ١٤] وبالله تعالى التوفيق.
فصل
وفي آخر الباب السادس عشر من إنجيل متى : وأعلم يسوع من ذلك الوقت تلاميذه بما ينبغي أن يفعله من دخول «برشلام» ، وحمل العذاب من أكابر أهلها وعلمائهم ، وقتلهم له ، وقيامه في الثالث. فخلا به «باطرة» وقال له : «تعفى عن هذا يا سيدي ، ولا يصيبك منه شيء».
وفي الباب السابع عشر من إنجيل متّى : أن المسيح قال لتلاميذه : سيبلى ابن الإنسان في أيدي الناس ويقتل ويحيا في الثالث ـ يعني نفسه ـ فحزنوا لذلك حزنا شديدا.
وفي أول الباب الثامن من إنجيل مارقش : أن المسيح قال لتلاميذه : «إن ابن الإنسان سيبلى في أيدي الآدميين ، ويقتلونه ، فإذا قتل يقوم في اليوم الثالث».
وأنهم لم يفهموا مراده بهذا الكلام.
وفي قرب آخر الباب الثامن من إنجيل لوقا : أن المسيح قال للاثني عشر تلميذا «إنا نصعد إلى «برشلام» ونكمل كل ما نبأت به الأنبياء عليهمالسلام عن ابن الإنسان ، ويسيرون به إلى الأجناس يستهزءون به ويجلدونه ، ويبصقون فيه. وبعد جلدهم إياه يقتلونه ، ويحيا في اليوم الثالث».
فلم يفهموا عنه ممّا ألقى شيئا ، وكان هذا عندهم معقّدا لا يفهمونه.
قال أبو محمد رضي الله عنه : في هذه الفصول ثلاث كذبات من طوامّ الكذب.
إحداها : اتفاق الأناجيل المذكورة كما أوردنا على أن المسيح أخبرهم عن نفسه أنه يقتل ، وجميع الأناجيل الأربعة متفقة عند ذكرهم لصلبه على أنه مات على الخشبة حتف أنفه ، ولم يقتل أصلا ، إلّا أن في بعضها أنه طعنه بعد موته أحد الشرط برمح في جنبه ، فخرج من الطعنة دم وماء.