قراءة عاصم المشهورة عند جميع أهل الإسلام ، في شرق الأرض وغربها ، نقرأ بها كما ذكرنا كما نقرأ بغيرها ، مما صح أنه كل منزل من عند الله تعالى ، فبطل تعلقهم بهذا والحمد لله رب العالمين.
وأما قولهم : إن طائفة من علمائنا الذين أخذنا ديننا عنهم ، ذكروا أن عثمان بن عفان رضي الله عنه إذ كتب المصحف الذي جميع الناس عليه أسقط ستة أحرف من الأحرف المنزلة واقتصر على حرف منها ، فهو مما قلنا. وهو ظن ظنّه ذلك القائل أخطأ فيه وليس كما قال ، بل كل هذا باطل ببرهان كالشمس ، وهو أن عثمان رضي الله عنه لم يل إلا وجزيرة العرب كلها مملوءة بالمسلمين ، والمصاحف والمساجد والقراء يعلّمون الصبيان والنساء ، وكل من دب وهب. واليمن كلها ، وهي في أيامه مدن وقرى ، والبحرين كذلك ، وعمان كذلك ، وهي بلاد واسعة مدن وقرى وملكها عظيم ، ومكة والطائف ، والمدينة والشام ، كلها كذلك ، والجزيرة كلها كذلك ومصر كلها كذلك ، والكوفة والبصرة كذلك ، في كل هذه البلاد من المصاحف والقراء ما لا يحصي عددهم إلا الله تعالى وحده ، فلو رام عثمان ما ذكروا ما قدر على ذلك أصلا.
وأما قولهم : إنه جمع الناس على مصحف فباطل ، ما كان يقدر على ذلك لما ذكرنا ، ولا ذهب عثمان قط إلى جمع الناس على مصحف كتبه ، إنما خشي عثمان رضي الله عنه أن يأتي فاسق يسعى في كيد الدّين ، وأن يهمّ واهم من أهل الخير فيبدل شيئا من المصحف عمدا ، وهذا وهم فيكون اختلاف يؤدي إلى الضلال ، فكتب مصاحف مجمعا عليها ، وبعث إلى كل أفق مصحفا ، لكي إن وهم واهم ، أو بدّل مبدل رجع إلى المصحف المجتمع عليه ، فانكشف الحقّ وبطل الكيد والوهم.
وأما قول من قال أبطل الأحرف الستة فقد كذب من قال ذلك ، ولو فعل عثمان ذلك وأراده لخرج عن الإسلام ، ولما مطل ساعة. بل الأحرف السبعة عندنا موجودة كلها قائمة ، كما كانت مثبوتة في القراءات المشهورة والمأثورة ، والحمد لله رب العالمين.
وأما قولهم في دعوى الروافض تبديل القرآن ، فإن الروافض ليسوا من المسلمين ، إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخمس وعشرين سنة ، وكان مبدؤها إجابة ممن خذله الله تعالى لدعوة من كاد الإسلام ، وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر ، وهي طوائف أشدهم غلوا يقولون بإلاهية علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وإلاهية جماعة معه. وأقلهم غلوا يقولون : بأن الشمس ردت على