علي بن أبي طالب مرتين ، فقوم هذا أقل مراتبهم في الكذب أيستشنع منهم كذب يأتون به ..؟ وكل من لم يزجره عن الكذب ديانته أو نزاهة نفس أمكنه أن يكذب ما شاء ، وكل دعوى بلا برهان فليس يشتغل بها عاقل ، سواء كانت له أو عليه ، ونحن إن شاء الله تعالى نأتي بالبرهان الواضح الفاضح لكذب الروافض ، فيما افتعلوه من ذلك.
قال أبو محمد : مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم والإسلام قد انتشر وظهر في جميع جزيرة العرب ، من منقطع البحر المعروف ببحر القلزم ، مارا إلى سواحل اليمن كلها ، إلى بحر فارس إلى منقطعه مارا إلى الفرات ، ثم على ضفة الفرات إلى منقطع الشام ، إلى بحر القلزم.
وفي هذه الجزيرة من المدن والقرى ما لا يعرف عدده إلا الله عزوجل ، كاليمن والبحرين ، وعمان ونجد ، وجبلي طيئ ، وبلاد مضر وربيعة ، وقضاعة والطائف ، ومكة كلهم قد أسلم وبنوا المساجد ، ليس منها مدينة ولا قرية ولا حلة لأعراب إلا قد قرئ فيها القرآن في الصلوات ، وعلمه الصبيان والرجال والنساء ، وكتب. ومات عليهالسلام ، والمسلمون كذلك ، ليس بينهم اختلاف في شيء أصلا ، بل كلهم أمة واحدة ، ودين واحد ، ومقالة واحدة ، ثم ولي أبو بكر رضي الله عنه عنه سنتين وستة أشهر ، فغزا فارس والروم ، وفتح اليمامة وزادت قراءة الناس للقرآن ، وجمع الناس المصاحف كأبي بكر ، وعمر وعثمان وعلي وزيد ، وأبي زيد وابن مسعود ، وسائر الناس في البلاد ، فلم يبق بلد إلّا وفيه المصاحف.
ثم مات رضي الله عنه والمسلمون كما كانوا لا اختلاف بينهم في شيء أصلا ، أمة واحدة ، ومقالة واحدة ، إلا ما حدث في آخر حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأول ولاية أبي بكر رضي الله عنه ، من ظهور الأسود العنسي في جهة صنعاء ، ومسليمة في اليمامة ، يدعيان النبوة ، وهما في ذلك مقران بنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم معلنان بذلك ، وقد انقسم العرب ومن باليمن وغيرهم أربعة أقسام ، إثر موته عليهالسلام ، فطائفة ثبتت على ما كانت عليه من الإسلام لم تبدّل شيئا ، ولزمت طاعة أبي بكر رضي الله عنه وهم الجمهور والأكثر.
وطائفة بقيت على الإسلام أيضا ، إلا أنهم قالوا : نقيم الصلاة وشرائع الإسلام ، إلا أننا لا نؤدي الزكاة إلى أبي بكر ، ولا نعطي طاعة لأحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان هؤلاء كثيرا إلا أنهم دون من ثبت على الطاعة ، ويبين هذا قول الحطيئة (١) العبسي :
__________________
(١) هو جرول بن أوس بن مالك العبسي المتوفى نحو سنة ٤٥ ه. يلقب بالحطيئة وبه يعرف. شاعر