قالوا : فلو كان العلم والقدرة واحدا لجريا في الإطلاق مجرى واحدا.
قال أبو محمد : وقد بينا بطلان هذا في كلامنا قبل بعون الله عزوجل.
ونزيد بعون الله تعالى بيانا فنقول ، وبه نتأيّد :
إنّ التغاير إنما يقع في المعلومات ، والمقدورات ، لا في القادر ولا في العالم. ولا شك عندنا وعندهم في أنّ «العليم» و «القدير» ـ واحد ، وهو تعالى «عليم بنفسه» ، ولا يقال عندهم قدير على نفسه ، فإذا لم يوجب هذا الحكم أن يكون القدير غير العليم ، فهو غير موجب أن يكون العلم غير القدرة بلا شك.
ثم نقول لهم : أخبرونا عن علم الله تعالى بحياة زيد قبل موته ، وبإيمانه قبل كفره ، هل هو العلم بموته وكفره أو هو غير العلم بذلك ..؟
فإن قالوا : إنّ العلم بموت زيد هو غير العلم بحياته ، وعلمه بإيمانه هو غير علمه بكفره ، لزمهم تغاير العلم ، والقول بحدوثه ، وهم لا يقولون هذا.
وإن قالوا : علمه تعالى بإيمان زيد هو علمه بكفره ، وعلمه بكفره هو علمه بإيمانه ، وعلمه بحياة زيد هو علمه بموته.
قيل : فإنّ تغاير المعلوم تحت العلم لا يوجب تغاير العلم في ذاته عندكم ، فمن أين أوجبتم أن تغاير المعلوم والمقدور موجب لتغاير العلم والقدرة ...؟
والحقيقة من كل ذلك : أنه لا حقيقة أصلا إلّا الخالق تعالى وخلقه ، وأنّ كل ما نصّ الله تعالى عليه من وصفه لنفسه ومن أسمائه فلا يحل لأحد أن يخبر عنه تعالى إلّا به ، ولا أن يسميه عزوجل إلّا به.
ونعلم أنّ المراد بكل ذلك وأن كل ما نص الله عزوجل عليه من أسمائه وما أخبر به تعالى عن نفسه فهو حق ندين الله تعالى عزوجل بالإقرار به.
ونعلم أنّ المراد بكل ذلك هو الله تعالى لا شريك له ، وأنها كلّها أسماء يعبّر بها عنه تعالى ، ولا يرجع منها إلى شيء غير الله البتة. تعالى الله أن يكون معه شيء آخر غيره.
وقد أقرّ بعضهم بحضرتي أن مع الله تعالى سبعة عشر شيئا متغايرة ، كلها قديم لم تزل ، وكلها غير الله تعالى. ورأيت في كتاب لبعضهم : أنها خمسة عشر ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وذكروا أن تلك الأشياء هي : السمع ، والبصر ، واليد ، والوجه ، والكلام ، والعلم ، والقدرة ، والإرادة ، والعزة ، والرحمة ، والأمر ، والعدل ، والحياة ، والصدق.