الإسماعيلية ، ومن كان على قول القرامطة ، وبني عبيد (١) وعنصرهم.
وقد يضاف إلى جملة من قال إن مدبّر العالم أكثر من واحد الصابئون ، وهم يقولون بقدم الأصلين على ما قدمنا من نحو قول المجوس ، إلّا أنهم يقولون بتعظيم الكواكب السبعة ، والبروج الاثني عشر ، ويصورونها في هياكلهم ويقولون بقدمها ، ويقربون الذبائح ، والدخن (٢) ، ولهم صلوات خمس في اليوم والليلة تقرب من صلوات المسلمين ، ويصومون شهر رمضان ، ويستقبلون في صلاتهم الكعبة والبيت الحرام ، ويعظمون مكة والكعبة ، ويحرمون الميتة ، والدّم ، ولحم الخنزير ، ويحرمون من القرائب ما يحرم على المسلمين ، وعلى نحو هذه الطريقة تفعل الهند بالبددة (٣) في تصويرها على أسماء الكواكب وتعظيمها ، وهو كان أصل الأوثان في العرب ، والدقاقرة في السودان ، حتى آل الأمر طول الزمان إلى عبادتهم إيّاها. وكان الذي ينتحله الصابئون أقدم الأديان على وجه الدهر ، والغالب على أهل الدنيا إلى أن أحدثوا فيه الحوادث ، وبدّلوا شرائعه بما ذكرنا ، فبعث الله عزوجل إليهم إبراهيم خليله صلىاللهعليهوسلم بدين الإسلام الذي نحن عليه الآن ، وتصحيح ما أفسدوه بالحنيفية السمحة التي أتى بها محمد صلىاللهعليهوسلم ، من عند الله تعالى. فبيّن لهم كما نصّ في القرآن بطلان ما أحدثوه ، من تعظيم الكواكب وعبادتها وعبادة الأوثان ، فلقي منهم ما نصّه الله في كتابه ، وكانوا في ذلك الزمان وبعده يسمّون بالحنفاء (٤) ، ومنهم اليوم بقايا «بحرّان» (٥) ، وهم قليل جدّا فهذه فرقة. ويدخل في هذه الفرقة من وجه ، ويخرج منها من وجه آخر النصارى.
فأما الوجه الذي يدخلون به فهو قولهم بالتثليث ، وأن خالق الخلق ثلاثة.
وأمّا الوجه الذي يخرجون به فهو أنّ للصابئين شرائع يسندونها إلى «هرمس» ويقولون إنه «إدريس» ، وإلى قوم آخرين ، يذكرون أنهم أنبياء «كإيلون» ويقولون إنه «نوح» عليهالسلام ، و «اسفلانيوس» صاحب الهيكل الموصوف و «عاظيمون» و «يوداسف»
__________________
(١) هم العبيديون ، أي الفاطميون الإسماعيليون.
(٢) الدّخن : ما يتبخّر به من الطيب (المعجم الوسيط : ص ٢٧٦).
(٣) جمع بدّ : وهو الصنم ، أو بيته (المرجع السابق : ص ٤٣).
(٤) الحنفاء : فريق من العرب قبل الإسلام كانوا ينكرون الوثنية ، منهم أمية بن أبي الصلت. والحنفاء أيضا : من كانوا على دين إبراهيم عليهالسلام في الجاهلية (المرجع السابق : ص ٢٠٣).
(٥) حرّان : مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة أقور ، بينها وبين الرها يوم ، وبين الرقة يومان ، وهي على طريق الموصل والشام والروم (معجم البلدان : مادة حران).