فيقال لهم : هذا إبطال للاتحاد ، وقول منكم بأن حظه وحظ غيره في ذلك سواء وخلاف لأمانتكم التي فيها أن الابن نزل من السماء ، وتجسّد وولد ، وقتل ودفن.
وقالت طائفة منهم : المسيح حجاب خاطبنا الله تعالى منه.
فيقال لهم : أنتم تقولون إن المسيح رب معبود ، وإله خالق ، والحجاب عندكم مخلوق والمسيح عند بعضكم طبيعة واحدة ، وعند بعضكم طبيعتان ناسوتية ولاهوتية.
فأخبرونا أتعبدون الطبيعتين معا اللاهوتية والناسوتية أم تعبدون إحداهما دون الأخرى؟
فإن قالوا : نعبدهما جميعا أقروا بأنهم يعبدون إنسانا وحجابا مخلوقا مع الله تعالى. وهذا أقبح ما يكون من الشرك.
وإن قالوا : بل نعبد اللاهوت وحده قيل لهم فإنما تعبدون نصف المسيح لا كله لأنه طبيعتان عندكم ولستم تعبدون إلّا إحداهما دون الأخرى.
وكذلك يسألون عن موت المسيح وصلبه؟
فمن قول الملكية والنسطورية : إن الموت والصلب إنما وقع على الناسوت خاصة. فيقال لهم : فأنتم في قولكم «مات المسيح وصلب» : كاذبون ، لأنه إنما مات نصفه فقط وصلب نصفه فقط ، لأن اسم المسيح عندكم واقع على اللاهوت والناسوت كليهما معا لا على أحدهما دون الآخر.
وكل من قال من اليعقوبية : الإنسان والإله شيء واحد فإنه يلزمه أن يعبد إنسانا لأنه إذا عبد الإله ، والإله هو الإنسان ، فقد عبد إنسانا وربه إنسان مخلوق.
وكل من قال منهم : الإله غير الإنسان فقد أبطل الاتحاد. وهكذا يقال لهم في الحجاب مع الله تعالى سواء بسواء ، ويلزمهم جميعهم إذ قد أقروا بعبادة المسيح هكذا جملة ، وأنه رب خالق ـ وفي الإنجيل أنه جاع وأكل الخبز والحيتان وعرق ، وضرب ـ أن ربهم (١) أكل وجاع ، وأن الإله ضرب ولطم وصلب. وكفى بهذا رذالة وفحش قول وبيان بطلان.
ويقال للملكية واليعقوبية القائلين بأن المسيح ابن الله وابن مريم وقد أقررتم أن المسيح إنسان وإله ، فالإنسان هو ابن الله وابن مريم ، والإله هو ابن مريم وابن الله وهذه غاية الشناعة.
__________________
(١) سياق العبارة : ويلزمهم جميعهم إذ قد أقرّوا بعبادة المسيح هكذا جملة وأنه ربّ خالق ، أن ربهم أكل .... الخ. فقوله : «وفي الإنجيل .... وضرب» جملة اعتراضيه.