الزوجية ترتب زماني ، فثبوت الحرمة الأبديّة للكبيرة مبني على ما بيّناه من تسالم الفقهاء على حرمة تزويج أم من كانت زوجة ولو لم تكن زوجة حين الارتضاع منها. وأما الصغيرة فلا تحرم مؤبدا كما هو ظاهر.
وأما لو فرضنا ان الحرمة عينيّة والمحرم هو تزويج أم الزوجة كما هو ظاهر الأدلة وتزويج بنت الزوجة المدخول بها ، فعليه بعد ارتضاع الصغيرة من الكبيرة تحرم خصوص الكبيرة مؤبدة دون الصغيرة ، لأن حرمة بنت الزوجة مشروطة بالدخول وهو غير متحقّق على الفرض ، بخلاف حرمة أم الزوجة ، فان اتصافها بذلك آناً ما يكفي في حرمتها إلى الأبد كما نظيره قيل في (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(١) ، وكما قيل في ما إذا حدّ الإمام ولو مرّة واحدة يسقط عن قابلية الإمامة إلى الأبد.
(وبالجملة) تارة : لا يكون في البين دخول بالكبيرتين أصلا ، وأخرى : تكون المرضعة الأولى مدخول بها دون الثانية ، وثالثة : بالعكس.
واما الدخول بكلتا الكبيرتين فلا أثر له ، أما في فرض عدم الدخول رأسا فان قلنا بان الجمع بين البنت والأم محرم كالجمع بين أختين ، وعليه فبمجرد ما أرضعت الكبيرة الأولى الصغيرة تبطل الزوجية في الصغيرة والكبيرة معا للوجه المتقدّم ، والكبيرة تحرم مؤبدا بخلاف الصغيرة ، وأما المرضعة الثانية فحرمتها مبنية على ان تكون حرمة أم الزوجة السابقة أي أم من كانت زوجة موردا للإجماع ـ كما ادعي الإجماع على حرمة بنت الزوجة اللاحقة ـ وأما لو قلنا بالحرمة الذاتيّة وان أم الزوجة يحرم زواجها وبنت الزوجة كذلك ، فبالإرضاع لا تبطل زوجية الصغيرة ، وانما تبطل زوجية المرضعة فقط ، لأن حرمتها غير متوقّفة على شيء بخلاف حرمة
__________________
(١) البقرة ـ ١٢٤.