الاخبار أيضا.
وبالجملة حكي عن بعض الفلاسفة دعوى بداهة استحالة انتزاع مفهوم واحد عن وجودات متباينة بما هي متباينة من دون ثبوت جهة مشتركة فيها ، وبهذا أثبت اشتراك الواجب والممكن في الوجود غايته انّ وجود الواجب قديم ووجود الممكن ظلي حادث ، ثم ادعي البداهة في عكس ذلك أيضا ، أي في انتزاع مفاهيم متباينة من وجود بسيط من جميع الجهات ، ولذا وقعوا في الإشكال من حيث انتزاع المفاهيم المتباينة من ذاته المقدسة.
والجواب عن ذلك انّ ما يدركه العقل وينتزعه ويكون له تحقق نفس أمري غير منحصر بالوجود الخارجي ، ولذا يكون العدم حقيقة معدوما واستحالة اجتماع النقيضين حقيقة متحققة مع استحالة اتصاف العدم والاستحالة بالوجود ، وهكذا الملازمات بين الأشياء ثابتة في نفس الأمر مع انه ليس لها ما بحذاء خارجي ، فتعدد المفهوم الانتزاعي الثابت في نفس الأمر حقيقة وبلا عناية غير مستلزم لتعدد الوجود الخارجي ، ولذا ينتزع العقل مفاهيم عديدة نفس أمرية من وجود واحد ، حتى قالوا انّ أول ما يدركه الإنسان بل كل حيوان انه هو ، وثانية انه ليس غيره ، وهما مفهومان متغايران ، فتعدد المفاهيم الانتزاعية يكون بتعدد الاعتبار لا بتعدد الوجود ، مثلا الكم الواحد نفرضه عشرة مثلا ، أو جسم مستطيل واحد يكون أصغر بالإضافة إلى ما هو أكبر منه طولا وينتزع منه الأكبر باعتباره مع شيء أصغر منه ، وعلى هذا فصفاته المقدسة أيضا بأجمعها تنتزع عن الذات البسيط الّذي ليس فيه شائبة النقص والتركيب ، فباعتبار ذاته واستجماعه لجميع الكمالات ينتزع منه مفهوم الله ، وباعتبار كونه محيطا بكل شيء ينتزع مفهوم عالم ، وباعتبار انّ مرجع جميع الأشياء إليه ينتزع مفهوم قادر ، وهكذا ولا ينافي شيء من ذلك مع بساطة الذات ، وقد ذكرنا انّ التقييد والتضييق الثابت في المشتق انما هو في المفهوم ، أعني