يمكن استعمال الشيء فيها ، مثلا يقال : جاء زيد لأمر كذا ، ولا يقال : جاء لشيء كذا ، وربما ينعكس الأمر ، مثلا يطلق لفظ الشيء على الواجب تعالى ، وعلى الذوات والصفات والأفعال ، بخلاف الأمر فانه لا يطلق إلّا على ما فيه جهة حدوث من الأفعال والصفات ، فلا يطلق الأمر على الحجر ، هذا مضافا إلى انّ مفهوم الشيء جامد غير قابل للاشتقاق بخلاف لفظ الأمر ، على انّ الأمر تارة يجمع على أمور ، وإذا أريد منه الطلب يجمع على أوامر ، فلا يعقل ان يكون موضوعا لمفهوم الشيء فقط.
واما كونها موضوعة للشيء المهم وأخذ مفهوم المهم فيه ، فيرده صحة توصيف الأمر بغير المهم ، فيقال : «جاءه لأمر غير مهم» أي بسيط باصطلاحنا.
والصحيح ان يقال : انّ هذه المادة تستعمل في الطلب يقينا ، وفي الواقعة ، وفي الشور ومنه المؤامرة ، وفي العجب على ما في أساس البلاغة (١) ، وامّا استعماله في الفعل لقوله تعالى : (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)(٢) فغير تام ، لأنّ المراد من الأمر بقرينة صدر الأمر به هو الطلب ، حيث يقول تعالى : «واتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد» ، والظاهر انهم اتبعوا أمره لا فعله ، ولا يهمنا التعرض لبيان انّ أي من هذه المعاني معنى حقيقيا لها بعد عدم ترتب ثمر عليه ، إذ لم نجد موردا في الأحكام استعمل هذا اللفظ لنشك في المراد منه.
وانما نقول : انّ مادة الأمر تستعمل بلا مسامحة في الطلب المبرز أعم من أن يكون بصيغة افعل ، أو بالماضي ، أو بمادة الأمر ، أو بمادة الطلب ، أو بالفعل ، أو بغير ذلك ، كل ذلك مصداق للأمر كما في لفظ البيع.
__________________
(١) أساس البلاغة ـ ص ٩.
(٢) هود ـ ٩٧.