الأول : انه تعالى أسند إلى ذاته المقدّسة التكلم في قوله عزّ شأنه : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)(١) ، أو القول بأنّ ما اتصف به من الكلام هو الكلام اللفظي مستلزم لاتصاف القديم بالحادث ، وهو محال ، فلا بدّ وان يراد منه الكلام النفسيّ القديم المتحد مع الذات.
وفيه : ما تقدم فلا نعيد.
الثاني : انه يطلق «المتكلم» عليه تعالى كما يطلق عليه «المريد والقادر» ، ولا يطلق هذا المشتق إلّا على من قام به المبدأ قيام حلول واتصاف لا قيام فعل وصدور ، وإلّا يصدق عليه المتحرك أيضا ، لأنه خالق الحركة ، ومن الواضح انّ الكلام اللفظي لا يعقل اتصافه تعالى به لأنه حادث ، فلا بدّ وان يراد منه كلاما قديما وهو الكلام النفسيّ.
وفيه : انه ما المراد من المادة في المتكلم ، فان كانت مادته الكلام أعني الصوت ، فهو حال في الهواء والهواء متصف به اتصاف حلول ، لأنّ الصوت منشأ من موج الهواء على ما قيل ، وعليه فلا بدّ من صدق المتكلم على الهواء ، وهو بديهي البطلان ، وان كانت المادة هي التكلم كما ذكره (روزبهان) بعد اطلاعه على فساد جعل مادته الكلام ، فهو وان كان صفة للمتكلم إلّا انه بمعنى إيجاد الكلام فالمتكلم من أوجد الكلام ، وأما ما ذكره من انّ اسم الفاعل لا يطلق على من قام به المبدأ قيام صدور فهو غير صحيح ، لإطلاق النائم على من صدر عنه النوم والخالق والرازق والمحيي والمميت عليه تعالى بلحاظ صدور تلك الأفعال عنه.
وقد ذكرنا انّ صفة الذات المتحدة معه تعالى ليس إلّا العلم والقدرة والحياة ، وهي قديمة ، وأمّا بقيّة الصفات فهي من صفات الفعل وحادثة كنفس الفعل ، إذ
__________________
(١) النساء ـ ١٦٤.