وثالثا : وهو الحل ، انّ الصفات المنتسبة إلى ذاته المقدّسة مختلفة فمنها : ما تنتزع من ذاته تعالى وتسمى بصفات الذات ، ومنها : ما تنتزع من أفعاله ويعبر عنها بصفات الفعل ، وما يتحد مع الذات ولا بدّ من ان يكون قديما انما هو صفات الذات ، وهي منحصرة في العلم والقدرة والحياة ، وهي منتزعة عن العلم والقدرة ، وأمّا الصفات المنتزعة من الفعل فهي كنفس الفعل حادثة كالخلق والرزق والاحياء ونحوها ، وقد دلّ على ذلك بعض الأخبار ، ومضمون الرواية انه عليهالسلام يقول للراوي : (أو لست تقول انّ الله أراد كذا ولم يرد كذا) يقول : نعم فيقول عليهالسلام ما حاصله : (انّ هذا من صفات الفعل ، وهل يمكن ان نقول كان عالما بكذا ولم يكن عالما بكذا) فيقول : لا ، فيقول عليهالسلام : (هذا من صفات الذات).
ثم انّ تميّز صفات الذات عن صفات الفعل هل يكون بصحّة اتصاف الذات بضد تلك الصفة وعدمها ، أو يكون بصحّة اسناد الإرادة وعدمها إلى ذلك ، أو يكون بجواز نفيها عنه وعدمه؟
الظاهر هو الثالث : ففي الخلق يصح ان يقال : خلق الإنسان ذو رأس واحد ولم يخلق إنسانا ذي رأسين ، ولا يمكن ان يقال : انه قادر على الأمر الفلاني وغير قادر على الأمر الكذائي ، وهكذا في الفعل ، فالمائز بين صفة الذات وصفة الفعل هو صحة تعلق القدرة به تارة وعدمها أخرى في الثاني وعدم صحته في الأول.
وبالجملة ذهبت الأشاعرة إلى انّ الكلام ينقسم إلى قسمين ، أحدهما : ما يكون مندرج الحصول بنحو التعاقب ، ويسمى بالكلام اللفظي ، وثانيهما : ما يكون بسيطا ومن قبيل الألفاظ وغير قابل للانقسام أصلا ، وهو قائم بالنفس نظير سائر الصفات النفسانيّة ويسمى بالكلام النفسيّ ، وانقسامه إلى الخبرية والإنشائية ونحو ذلك يكون بلحاظ تعلقه بالكلام اللفظي ، وقد استدلوا عليه بوجوه أحسنها وجوه أربعة :