وكونه بنفسه من مصاديقه ، وهذا من غير فرق بين صيغة الأمر وغيرها من الجمل التي يطلب بها كقولك «أطلب منك كذا».
ولا مانع من اتحاد المفهوم والمصداق في مثل المقام كما يتّحدان في إنشاء التمليك بلفظ ملّكتك مثلا.
فصيغة الأمر لا بدّ وان تكون موضوعة لإبراز الأمر النفسانيّ على ما هو مقتضى ما اخترناه من تعريف الوضع بالتعهّد ، ولزوم تعلّقه بما هو مقدور الواضع.
كما ذكرنا أيضا : انّ هيئة الجمل الخبرية موضوعة لقصد الحكاية ، وبيّنا عدم الفرق بينهما من حيث مدلولهما ، ولا يتّصف مفاد الهيئة الخبريّة في نفسه بالصدق والكذب أصلا ، كالإنشاء ، فلو استعمل جملة «زيد قائم» في غير مورد قصد الحكاية كما في صورة المزاح لا يكون ذلك كذبا وانما يكون على خلاف تعهد الواضع.
فالجملة الإنشائية مطلقا مبرزة للأمر النفسانيّ ، وصيغة افعل موضوعة لإبراز اعتبار المادّة على ذمّة المكلّف ، كما في الدين ، فالشارع بمولويّته يعتبر المكلّف مديونا له بالعمل ، ولذا إطلاق الدين على الحج في قوله عليهالسلام : (دين الله أحقّ ان يقضى).
وما قيل : من انها مبرزة لنفس الشوق الّذي هو أيضا امر نفساني وان كان في نفسه ممكنا إلّا انه غير مطّرد ، ولا يجري في الواجبات المشروطة التي ليس في موردها شوق أصلا كما لو امر الميّت أولاده بان يعطوا ثلثه لشخص بعد وفاته ، فانه لا يتحقّق للأمر في هذا الفرض شوق أصلا ، لا فعلا لأنه مشروط على الفرض ، ولا عند تحقق الشرط لأنه الموت. فمعنى الصيغة هو اعتبار اللابدّيّة ليس إلّا.
وبالجملة بعد ما تعهّد الواضع بذكر اللفظ الخاصّ عند إرادة المعنى المخصوص ، وحصلت العلقة بينهما بالجعل والمواضعة ، ودلّ اللفظ عند الاستعمال على قصد تفهيم ذلك المعنى بالدلالة الوضعيّة يمكن ان يكون ذلك اللفظ الدال على