الفعل عن غير المكلّف أجنبيا عن المكلف من دون ان يقصد به إتيانه عن المكلّف أو يتبرّع عنه ، وأخرى يأتي بالفعل من قبل المكلّف.
أما على الأول ، فلا وجه للقول بسقوط الواجب عن المكلّف بمجرد عمل شخص آخر أجنبي عنه ، كما لو فرضنا انّ زيدا مديون لعمر بعشرة دراهم فدفع بكر إليه عشرة دراهم من غير ان يقصد به النيابة عن زيد ، أو إبراء ذمّته ، فهل يتوهّم في مثل ذلك سقوط الدين عن ذمّة المديون بلا وجه؟!
والسرّ فيه هو انّ سقوط التكليف عن ذمّة المكلّف بفعل غيره انما يتصوّر في فرضين ، الأول : ان يكون الواجب مشروطا بان لا يأتي به غيره ، الثاني : ان يكون الواجب كفائيا ، وإطلاق الأمر يدفع كلا الأمرين ومع عدم الإطلاق فحيث انّ ثبوت التكليف الجامع بين الكفائي والعيني كان متيقّنا ، فيشك في سقوطه بفعل الغير فمقتضى الاستصحاب والاشتغال عدمه ولزوم الإتيان بالواجب.
وأما على الثاني ، وهو ما إذا قصد التبرّع أو النيابة ، فان قلنا باعتبار القدرة في متعلّق الأمر ، أمّا عقلا واما لكونه من مقتضيات نفس الأمر ، فلا محالة بكون الواجب هو خصوص الحصّة المباشرية من الفعل ، فانّ فعل الغير خارج عن تحت اختيار المكلّف فلا يكون مأمورا به ، والاجتزاء به عن المأمور به يحتاج إلى دليل ، وأما على المختار من عدم اعتبار كون طبيعي المأمور به مقدورا بجميع افراده فإمكانا تعلق التكليف بالجامع بين الفعل المباشري والصادر من قبله وان كان ممكنا ، كما هو الحال في وجوب أداء الدين حتى بنظر العرف والعقلاء ، فكأنّ المديون ملزم بدفع الدين اما مباشرة ، واما من قبله إلّا انّ ظاهر الأمر عرفا هو المباشرة ولذا لو قال المولى لعبده تعال ، فلم يأت العبد بنفسه بل بعث غيره على الإتيان من قبله يعاقب على ذلك ويقال للغير الآتي انك لم تكن مأمورا بالإتيان فلما ذا أتيت.
فمقتضى الظهور اللفظي عدم الاجتزاء بفعل الغير.