الغرض الموجب للأمر الأول ، مثلا قوله عليهالسلام «صلّ إلى القبلة» بعد قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(١) ، وحينئذ يكون الأمر الثاني إرشادا إلى اعتبار الاستقبال في المأمور به بالأمر الأول. وليس هذا الإرشاد إرشادا إلى حكم العقل لينافي المولويّة ، بل يكون المرشد إليه فيه امرا مولويّا كما لا يخفى.
إذا عرفت القسمين فنقول : تعدّد الأمر في قصد القربة لا يمكن ان يكون من قبيل الأول بان يكون الأمر بنفس العمل ناشئا من غرض مستقل ، والأمر بإتيانه بقصد القربة ناشئا من غرض آخر ، بداهة عدم سقوط الأمر بإتيان العبادة بلا قصد القربة ولكانت من قبيل تعدد المطلوب للزم سقوطه بذلك كما عرفت في باب النذر ، كما لا يمكن ان يكون من قبيل الثاني ، لأنّ المانع عن أخذ قصد الأمر لم يكن مانعا إثباتيا ليندفع بتعدد الأمر بل كان المانع ثبوتيا ، فثبوتا كان اعتبار وجوب المقيّد بقصد الأمر مستحيلا ، فكيف تعقل ان يكون الأمر الثاني إرشادا إلى دخل قصد الأمر في الواجب ، ولا معنى لأن يعتبر وجوب ذات العمل ابتداء ثم يعتبر اعتبار قصد الأمر فيه ، فيبرز ذلك ، فلا بدّ وان يكون الأمر الثاني في المقام ناشئا من شخص الغرض الأول ، ولكن يكون إرشادا إلى بيان متعلّق غرضه ، وانّ غرضه سنخ غرض لا يسقط إلّا بإتيان العمل بقصد الأمر.
ومن الواضح انه إذا ثبت تقيد الغرض فيكون الحكم باقيا ما لم يؤتى بمتعلّقه ، فانّ الحكم حدوثا وبقاء يتبع الغرض ، وهذا الأمر الثاني هو الّذي عبّر عنه المحقق النائيني قدسسره بنتيجة التقييد ، فإذا أمكن ذلك وكان المولى في مقام بيان غرضه ، ولم يبيّن ذلك نتمسّك بالإطلاق المقامي ، ويستكشف منه عدم تقيد متعلق غرضه بقصد الأمر.
__________________
(١) الأنعام ـ ٧٢.