الوجوب ، إذ لو كان الفور والمسارعة لازما لكان التحذير عن استتباع تركه الغضب والشر أنسب.
ونقول : ما هو المراد من كلامه؟ فان أراد من ذلك انه لا بدّ في بيان الوجوب من ان يكون ذلك بالتحذير لا بصيغة افعل ، فهو مضافا إلى فساده جار في جميع الواجبات.
وان أراد به انّ الأمر في خصوص الآيتين له خصوصيّة وهي تعلّقها بالمغفرة والخير ، فيستفاد منها انه عند ترك المسارعة أيضا يكون العمل خيرا فليس هناك غضب وشر ، ولا معنى لثبوت الخير عند ترك الواجب ، فلا بدّ وان لا يكون الأمر فيهما للوجوب.
ففيه : انّ هذا انما يتم لو كان وجوب الفور بنحو وحدة المطلوب بان لا يكون ذات العمل خيرا ، واما ان كان بنحو تعدد المطلوب كما هو الظاهر من الآية فلا مانع من كون المسارعة واجبة وكون الإتيان بذات العمل مع التراخي أيضا مغفرة وخيرا.
ثم أورد عليه (١) ثانيا : بأنّ الأمر بالمسارعة والاستباق لا بد وان يحمل على الإرشاد لاستقلال العقل بحسب ذلك كالأمر بالإطاعة.
وفيه : انّ ملاك الحمل على الإرشاد انما هو عدم إمكان الحمل على المولويّة لا مجرد الحسن العقلي ، ولذا ترى ثبوت الأمر المولوي في كثير من الموارد التي استقل العقل فيها بالحسن كوجوب أداء الدين ، وهكذا يثبت النهي المولوي في مورد استقلال العقل بالقبح كحرمة القتل من غير حق ، وفي باب الإطاعة لا يعقل ثبوت الأمر المولوي.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ١٢٣.