يكن الأمر كذلك ، وتعلق التكليف بالقضاء به مشكوك لعدم إحرازه الفوت ، فيدفع بالبراءة ، وقد عرفت انّ استصحاب عدم الإتيان بالواقع لا يثبت عنوان الفوت.
وامّا في القسم الثالث ، فلا يفرق بين القضاء والأداء ، فيحكم بعدم الاجزاء فيهما ، اما فيما إذا انكشف الخلاف في الوقت فواضح ، واما إذا انكشف الخلاف في خارج الوقت ، فلأنّ نفس الحجّة الثانية المفروض كونها أقوى تثبت انّ الحكم الواقعي من أول الأمر كان على طبق مؤداها ، غاية الأمر انّ المكلّف كان ممتثلا بحكم الشارع إلى الآن ، والمفروض انه لم يمتثل الواقع الثابت بمقتضى الحجة الثانية وفاته ذلك فيجب القضاء.
وان شئت فقل : انّ لازم قيام الحجّة الأقوى تحقق الفوت ، وهي حجّة في لوازمها العقلية ، لأنها من الأمارات ، فيتحقق موضوع القضاء.
هذا كله بناء على الطريقية المحضة.
واما على السببية ، فتارة : يقع الكلام فيما يمكن الالتزام به من اقسامها ، وأخرى : في ما يترتب عليها من الأجزاء وعدمه.
فنقول : امّا السببية المنسوبة إلى جملة من الأشاعرة ، وهي كون الواقع تابعا لرأي المجتهد ، فهو غير معقول كما أفاد العلّامة ، إذ لو لم يكن في الواقع حكم فعمّا يفحص المجتهد؟ وبما ذا يتعلّق رأيه؟
واما السببية المنسوبة إلى المعتزلة ، فهي وان لم تكن بهذه المثابة من الفساد ، ولا تكون مستحيلة ، إذ يمكن ان يتبدل الواقع بقيام الأمارة على خلافه كما تتبدل الأحكام بطرو العناوين الثانوية ، كنذر الأمر المباح والشرط في ضمن العقد وأمثال ذلك ، فلا مانع من ان يكون خبر العادل مثلا لموضوعيّته في نظر الشارع موجبا لانقلاب الواقع ، إلّا انه مخالف للإجماع وللاخبار ، مثل قوله عليهالسلام : «للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد» أي أجر الانقياد فقط ، فعلى الأول لا مجال للبحث عن