مباحث الألفاظ مثل جواز تخصيص العام الكتابي بالخبر وعدمه ، ففي الحقيقة مرجعه إلى البحث عن السند وحجّية الخبر في هذا الفرض ، فيكون داخلا في ذلك المبحث ، وقد عرفت انطباق ما ذكرناه عليه.
وأما المباحث العقلية كمبحث الضد والترتب واجتماع الأمر والنهي ومقدمة الواجب فالأمر فيها واضح ، فجميع المسائل الأصولية تكون كذلك ، وهذا بخلاف غيرها من العلوم كمسائل اللغة مثلا فلا يمكن استنباط حكم واحد من شيء منها مستقلا وبلا ضم ضميمة ، ففي اللغة يبحث عن معنى الصعيد فهل يمكن استنباط الحكم من ذلك حتى فيما لو كان الدليل المشتمل عليه قطعي السند والدلالة ولم يكن مبتلى بالمعارض؟ لا يمكن ذلك ، وسره ظاهر ، فان الأحكام دائما تكون مستفادة من الهيئات ، واللغة انما تتكفّل بيان الموضوعات فقط ، ولذا لا يمكن استنباط الحكم منها مطلقا مستقلا ، وهكذا غير اللغة من العلوم ، وقد ألغى المتأخرون جملة من المباحث هي حاصلة في الكبرى التي ذكرناها من جهة وضوح فسادها ، كمبحث حجّية القياس الّذي كان موردا للنزاع إلى زمان العلّامة بل وبعده أيضا ، ومبحث الملازمة وان كل ما حكم به العقل حكم به الشرع وهذا غير حجّية القطع كما سنعرفه إن شاء الله تعالى.
وبالجملة فالميزان في المسألة الأصولية ان تكون بحيث لو انضم إليها صغراها أنتجت حكما فرعيا كليا ولو في الجملة قابلا للإلقاء إلى المقلدين ويكون تطبيقه على جزئياته بيدهم ، وعلى هذا تكون قاعدة الطهارة في الشبهات الحكمية داخلة في المباحث الأصوليّة.
واما القواعد الفقهية ، فهي بنفسها أحكام كلية قابلة للإلقاء إلى المقلدين ، ومن ضم صغرياتها إليها تستفاد الأحكام الجزئية الشخصية كما هو ظاهر فظهر ان مثل قاعدة التجاوز والفراغ وقاعدة اليد وقاعدة ما يضمن ، ونظائرها جميعها