٢ ـ ومنها : ما أجاب المحقق النائيني (١) عن الإشكال ، بأنّ الامتثال لا يحصل إلّا بعد إيجاد الشرط المتأخر ، ببيان انّ الأمر بالعنوان الانتزاعي لا محالة يرجع إلى الأمر بمنشئه ، إذ لا وجود إلّا لمنشئه ، فالأمر الضمني المتعلق بالتقيد الّذي هو أمر انتزاعي متعلق بنفس القيد لا محالة ، فكأنّ الأمر متعلق بالمركب من الاجزاء ومن القيد ، ومن ثم لا يحصل الامتثال الملازم لإتيان المأمور به إلّا بعد إيجاد الشرط المتأخر ، فلا يلزم المحذور.
وما أفاده مبني على مقدمتين :
الأولى : انه لو تعلّق الوجوب بالأمر الانتزاعي فلا محالة يكون متعلّقا بمنشإ انتزاعه ، إذ لا وجود في الخارج إلّا له.
الثانية : انّ التقيد انما ينتزع من ذات القيد ، فالأمر المتعلق بالتقيد متعلق بذات القيد ، فيكون الشرط المتأخر نظير الاجزاء التدريجية في المركب ، وكما لا يحصل الامتثال في ذلك إلّا بعد الإتيان بالجزء الأخير من المركب كذلك لا يحصل الامتثال في الشرط المتأخر إلّا بعد الإتيان به خارجا.
وعليه ففي الحقيقة يرجع الشرط المتأخر إلى الشرط المقارن ، فيندفع الإشكال من أصله ، لأنه انما كان يلزم بناء على حصوله قبل تحقق الشرط.
وفي كلتا المقدمتين نظر.
أما الأولى : أعني أصل الكبرى ، فلأنّه لو أريد من الأمر الانتزاعي العناوين الاعتبارية ، كالعناوين الاشتقاقيّة ، مثل عنوان العالم والقائم ونحوه ، فهو متين جدا ، إذ ليس لهذه العناوين ما بإزاء في الخارج ، وانما الموجود في الخارج هو الذات والوصف ويسند وجودهما إلى العنوان الاشتقاقي بالعناية والمسامحة ، فالأمر بها أمر
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ٢٢٢ ـ ٢٢٣.